باتت المؤسسات مضطرة لتغيير ممارساتها ونشاطاتها ورسالتها استجابة للسرعة الهائلة في التغيرات التكنولوجية التي ما انفكت تتصاعد، وقد أدت مثل هذه التغيرات الجوهرية في مضمار الأعمال إلى ظهور نموذج تنافسي جديد للأعمال هو نموذج الأعمال الإلكترونية، وهو نموذج رائد لا ينتمي لنماذج الأعمال التقليدية التي كانت سائدة قبل مقدم عصر الانترنت وتكنولوجيا المعلومات والاقتصاد الرقمي.
مفهوم الأعمال الإلكترونية
بدأ ظهور الأعمال الإلكترونية في التسعينيات، ولكن قبل هذا كانت المؤسسات تستخدم التبادل الإلكتروني للبيانات لإرسال أوامر الشراء ومذكرات الشحن والفواتير، ولكن لم تكن كل المؤسسات قادرة على استخدام أسلوب التبادل الإلكتروني للبيانات بسبب تكلفته العالية والتعقيدات المصاحبة لتطبيقه، مما أدى بالمؤسسات الصغيرة والمتوسطة إلى عدم استخدامه، إلا إذا أجبرت على استخدامه من قبل المؤسسات الكبيرة التي تتعامل معها، ومع تطور استخدام شبكة الانترنت صارت فكرة تبادل بيانات الأعمال أكثر نضوجا وظهر مصطلح الأعمال الإلكترونية.
وكان أول من أستخدم مصطلح الأعمال الإلكترونية شركة IBM سنة 1997، حيث عرّفت شركة IBM الأعمال الإلكترونية بأنها مدخل متكامل ومرن لتوزيع قيمة الأعمال المميزة من خلال ربط النظم بالعمليات التي تنفذ من خلالها أنشطة الأعمال الجوهرية بطريقة مبسطة ومرنة وباستخدام تكنولوجيا الانترنت، بهذا المعنى تصبح الأعمال الإلكترونية نتاج علاقة الارتباط بين نظم المعلومات التقليدية وقدرات الوصول السريع إلى شبكة الانترنت والويب بما في ذلك القدرة على ربط نظم الأعمال الجوهرية مباشرة مع الأطراف المستفيدة مثل الزبائن، الموردون، العمال وغيرهم، وتعد الأعمال الإلكترونية تطويرا للأعمال التقليدية، فهي تستخدم تكنولوجيا الانترنت بأسلوب متكامل لأداء أعمال لم تكن ممكنة من قبل، مما يساعد المؤسسات على ضمان سلامة العمليات وتحسين الإنتاجية وزيادة الكفاءة.
إن الأعمال الإلكترونية هي توليفة من العمليات والنظم الرقمية التي تتيح للمؤسسة أن تدير علاقاتها البيئية الداخلية والخارجية، وأن تتجاوب معها بما في ذلك استشعار تحديات المنافسة والمنافسين، وتهديدات بيئة الأعمال الحالية والمتوقعة، وتحديد الفرص الموجودة والمنبثقة واستشعار احتياجات الزبائن، إضافة إلى تنظيم عمليات التجاوب والاستجابة الإستراتيجية مع متغيرات بيئة الأعمال في الوقت الحقيقي.
البنية الشبكية للأعمال الإلكترونية
كان لثورة الحاسوب الشخصي وشبكات الاتصالات تأثيرا جوهريا على اتجاه المؤسسات ومنظمات الأعمال نحو تطوير واستخدام النظم الذكية، ونظم المعلومات الشبكية التي بدأت مع نظم التبادل الإلكتروني للبيانات قبل عصر الانترنت، ثم أخذت أبعادا جديدة وشاملة مع تزايد استخدام تكنولوجيا العمل بالإنترنت، أي أن الأعمال الإلكترونية لم تأت من فراغ، وإنما سبقتها مراحل متكاملة من التطور التقني والمادي، فالعمل الإلكتروني لا يمكن أن يحدث من دون تقنيات اتصالية تربط ما كان مستقلا من وظائف وأنشطة وعمليات في داخل المؤسسة مع بيئتها الخارجية.
إن من أهم التكنولوجيا الاتصالية المكونة للبنية الشبكية للأعمال الإلكترونية شبكات الانترانت والاكسترانت وفضائهما الرقمي الانترنت.
1/ الانترنت
الإنترنت هي مجموعة شبكات ترتبط فيما بينها، والشبكة هي مجموعة من الحواسيب متصلة ببعضها لتبادل المعلومات تسمح لكل حاسوب فيها بالاتصال ببقية الأجهزة الموصولة بالشبكة، يتم إرسال واستقبال المعلومات على شكل بريد إلكتروني أو ملف إلكتروني إلى أي جهاز آخر من خلال الانترنت، وتنتقل هذه المعلومات عبر خطوط الهاتف والكبلات والأقمار الصناعية من المرسل إلى المستقبل.
تستخدم العديد من الشركات الانترنت لأغراض الاتصالات الإلكترونية ونقل البيانات، وبحوث التسويق، وتكوين واجهات المخازن الإلكترونية، وهناك مئات من الشركات التي باتت تستخدم الانترنت لتسويق سلعها وخدماتها ومن أبرز أسباب استخدام الانترنت ما يلي:
توفر الانترنت للشركات التي تتحرك باتجاه السوق الإلكترونية شبكة من الاتصالات الكونية التي تعتبر حيوية لضمان حضور كوني لهذه الشركات فالإنترنت يسمح للشركات على اختلاف أحجامها بمتابعة العملاء على أساس عالمي.
استخدام الانترنت كأداة تسويقية يتيح للشركات فرصة أكبر لتزويد الملايين من العملاء المحتملين والفعليين؛ بأحدث المعلومات حول المنتجات والخدمات والتطورات التكنولوجية والبحوث، وتسهل عمليات الاتصال والتفاعل بينها وبين العملاء والمشترين في أقصى بقاع العالم.
تتيح الانترنت المجال أمام الشركات التي تتعامل إلكترونيا بأن تفعل ذلك بأقل التكاليف الممكنة، لأنها توفر الجهد والوقت المصروف على التعاملات الورقية.
باللجوء إلى الانترنت تصبح الشركات أكثر قدرة على الوصول إلى قواعد البيانات الحكومية وإحصائيات الصناعة وممارسات المنافسين.
2/ شبكة الانترانت (الشبكة الداخلية)
لا تختلف الانترانت من الناحية الفنية عن الانترنت فهي تستخدم نفس التكنولوجيا ونفس بروتوكولات الاتصال، وتساعد شبكات الانترانت على تطوير أنظمة الاتصالات داخل الشركات، فهي تزاوج بين شبكة الانترانت على مستوى الشركة وشبكة الانترنت العالمية، وهي تعمل على توفير البيانات والمعلومات على الشبكة لكن بصورة لا تتيح للجميع الوصول إليها فهي مقتصرة على العاملين في الشركة المعنية فقط، ويجري الدخول إلى شبكة الانترانت عن طريق كلمة مرور، تزودهم بها إدارة الشركة، وفي الانترانت يجري استخدام الحاجز الناري وهذه التكنولوجيا تمنع أفراد من خارج الشركة من الدخول إلى شبكة الانترانت الخاصة بها، ولاستخدام الانترانت بكفاءة وفعالية يجب تنفيذ برامج عملية لتدريب وتطوير العاملين في هذا المجال، ويتم استخدام الانترانت بصورة واسعة من قبل المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وذلك بهدف اكتساب مزايا جديدة توفرها هذه الشبكة، ومن هذه المزايا الآتي:
- الاقتصاد في تكاليف الحوسبة؛
- توفير الوقت والسرعة؛
- الاستقلالية والمرونة؛
- توفير خدمات الانترنت.
3/ شبكة الاكسترانت (الشبكة الخارجية)
هي شبكة يُسمح لبعض شركاء العمل الخارجيين بالدخول لها، لأسباب إستراتيجية، وعادة ما يكون الوصول لمعلومة فيها جزئيا، فشبكة الاكسترانت تصمم لتلبية احتياجات المستفيدين في خارج المؤسسة من الموردين والزبائن ومجموعات المؤثرين وحملة الأسهم، وتستخدم تقنيات الحماية ويتطلب الدخول إليها استخدام كلمة مرور، وذلك لأن الشبكة غير موجهة للجمهور العام كما هو الحال في شبكة الانترنت.
بعض شبكات الاكسترانت تبدأ أولا كإنترانت فتخدم العاملين داخل الشركة الواحدة بفروعها لعدد من السنين، بعد ذلك تفتح الإدارة البيانات التي كانت مقيدة لمستخدمي الانترنت لتقليل عبء العمل عن العاملين، وتمكّن الاكسترانت الزبائن والموردين من تقاسم قواعد ومستودعات بيانات الشركة من أجل المساهمة في تطوير أعمالها، بنفس القدر الذي تستخدم الشركة صلاتها الخارجية لتطوير علاقات تعاقدية على أجزاء ومكونات تدخل في صناعة منتوجاتها، ما يجعل الكثير من قدراتها الجوهرية أو المهمة خارجها، ولكن شبكتها الخارجية تساعد على تحويلها إلى قدرات داخلية، كما تفعل شركة ديل (DELL) في مدخلها القائم على التكامل العمودي الافتراضي، ويقوم هذا الأخير على أن تنتج الشركة الأجزاء التي تتفوق بها، وتحصل على ما لا تتفوق به من شركات أخرى ترتبط معها عبر شركة خارجية لتبادل المعلومات الضرورية حول تصميمها وكمياتها ومواعيدها ومواصفاتها.
وتستخدم الشركات شبكة الاكسترانت للأغراض التالية:
- تبادل الحجم الكبير من البيانات بين أطرافها المشاركة.
- تقاسم الأدلة وفهارس المنتوج مع تجار الجملة والأطراف الأخرى ذات العلاقة.
- التشارك مع الشركات الأخرى فيما يتعلق بالمشروعات والأنشطة المتعلقة بالتطوير المشترك.
- تطوير واستخدام برامج التدريب المشتركة مع الشركات الأخرى.
- التقديم (أو الوصول إلى الخدمات المقدمة) من قبل الشركة الواحدة إلى الشركات الأخرى.
- تقاسم الأخبار والاهتمامات المشتركة مع الشركات الأخرى.
ونظرا لما تقدمه شبكة الاكسترانت من تخفيض في التكاليف، والبنى التحتية إلى جانب التسهيلات الكبيرة في العمليات الإدارية والتفاعل مع العملاء وحتى المنافسين، فإننا ولا شك سنجد الكثير من الشركات تتجه إلى اعتماد شبكات الاكسترانت لخدمة مصالحها وعملائها، ودخول عالم المنافسة بأسرع وقت ممكن، وإلا فإن القطار السريع لحصر المعلومات سيفوتها وتصبح تراث الإنسانية في عصر ما قبل الانترنت والأعمال الإلكترونية.
المراجع/
- محمد الطاهر نصير -التسويق الإلكتروني- الأردن: دار حامد.2005.
- طارق عبد العال حامد – التجارة الإلكترونية (المفاهيم، التجارب، التحديات، الأبعاد التكنولوجية والمالية والتسويقية والقانونية)- مصر: الدار الجامعية، 2004-2005.
- نجم عبود نجم -الإدارة الإلكترونية (الإستراتجية والوظائف والمشكلات)- الرياض: دار المريخ، 2004.
- إبراهيم عبد السلام –التجارة والأعمال الإلكترونية- الإسكندرية: ما هي لخدمات الكمبيوتر.
- Mohamed LOUADI – Introduction aux technologies de l’information et de la communication- Tunis: center de publication universitaire, 2005, .
- سعد غالب ياسين وبشير عباس علاق- الأعمال الإلكترونية- الأردن: دار المناهج، 2006.
- Brahim BEKHTI – Module informatique: Internet et la recherche d'information- école doctorat de français, UKM-OUARGLA, 2005/2006.
- Boualem-Ammar CHEBIRA, -Le e-commerce: contraintes et opportunités pour l’entreprise économique Algérienne- Mémoire de Magister en sciences économiques Option: Economie du développement, Université Hadj Lakhdar Batna, 2003-2004.
- يوسف أحمد أبو فارة - التسويق الإلكتروني– الأردن: دار الحامد، 2005.
- بشير عباس علاق – الخدمات الإلكترونية بين النظرية والتطبيق- القاهرة: المنظمة العربية للتنمية الإدارية، 2004.
تعليقات
إرسال تعليق