القائمة الرئيسية

الصفحات

بحث حول نظرية دوامة الصمت

 


مدونة علوم الإعلام والاتصال



1 - نشأة نظرية دوامة الصمت


     تعتبر نظرية دوامة الصمت من نماذج التأثيرات طويلة المدى على كل من المجتمع و ثقافة أفراده و التي ترجع جذورها إلى أفكار الباحثة الألمانية  اليزابيت نوال نيومان التي عرفتها باسم دوامة الصمت أو لولب الصمت من خلال كتابها المؤلف سنة 1980 بعنوان ’ دوامة الصمت الرأي العام باعتباره جلدنا الناعم، و الذي ضمنته جملة من استنتاجات أبحاثها و قبل ذلك فقد دعت نيومان سنة 1974 إلى العودة إلى قوة وسائل الإعلام . 


ورأت أن لوسائل الإعلام تأثيرات قوية على الرأي العام لكن تم التقليل من شانها في الماضي بسبب قيود منهجية في الدراسات الإعلامية لذا طا لبت  بأهمية إجراء البحوث طويلة الأمد و اقترحت مجموعة مناهج في البحث تجمع بين المقاييس الميدانية و المسحية للجمهور و للقائمين بالاتصال من اجل معرفة قوة و تأثير وسائل الأعلام . 


هذا بالإضافة إلى استخدام منهج تحليل المضمون و تؤكد نيومان أن وسائل الاتصال الجماهيري تنحاز أحيانا إلى جانب إحدى القضايا أو الشخصيات بحيث يؤدي ذلك إلى تأييد القسم الأكبر من الاتجاه الذي تتبناه وسائل الإعلام و ذلك بحثا عن التوافق الاجتماعي ، لهذا يصنف بعض الباحثين نظرية دوامة الصمت في إطار واحد مع نظرية ترتيب الأولويات نظرا لاهتمامها بتأثير وسائل الإعلام حسب نيومان تعمل على تكوين الرأي العام نحو مختلف القضايا ، إلا أنها و في نفس الوقت تضغط على الأفراد لإخفاء أرائهم و التي قد تختلف على رأي الأغلبية خوفا من الانعزال  عن المجتمع .


متغيرات نظرية دوامة الصمت


وقد قامت نيومان بتطوير نظريتها اعتمادا على البحوث التجريبية و التي رصدت فيها ثلاثة متغيرات أساسية تساهم في قوة وسائل الإعلام :


1- التأثير التراكمي من خلال التكرار: 


ذلك أن وسائل الإعلام تميل إلى تقديم وسائل متشابهة ومتكررة حول موضوعات أو شخصيات أو قضايا ، ويؤدي هذا العرض التراكمي إلى تأثيرات على المتلقين على المدى البعيد .


2/ الشمولية:


بحيث أن وسائل الإعلامي تسيطر على الجمهور والأفراد وتحاصرهم في كل مكان ، وتهيمن على بيئة المعلومات المتاحة مما ينتج عنه تأثيرات شاملة ( الشيوع والانتشار ).


3/التجانس:


 أي أن بين القائمين بالاتصال والمؤسسات التي ينتمون إليها اتفاقا وانسجاما مما يؤدي إلى تشابه توجهاتهم والقيم الإعلامية التي تحكمهم ، هذا بالإضافة إلى التجانس والتناغم بين الوسائل الإعلامية فيما بينها في نقل الوقائع والأحداث ومعالجة مختلف القضايا الأمر الذي يؤدي إلى تناسق وتشابه الرسائل الإعلامية ، مما يزيد من قوة تأثير وسائل الإعلام على جمهور المتلقين.

2 - فرضية نظرية دوامة الصمت


     تعتمد نظرية دوامة الصمت على افتراض رئيسي فحواه أن وسائل الإعلام حين تتبنى آراء أو اتجاهات معينة خلال فترة معينة .فان معظم الأفراد (الجمهور) سوف يتجهون ويتحركون في الاتجاه الذي تدعمه وسائل الإعلام وبالتالي يتكون الرأي العام بما  يتناسق  مع الأفكار التي تدعمها وسائل الإعلام.


     أما نيومان فقدمت الفرض العام لنظرية الصمت بالقول "يخشى معظم الناس من العزلة وهذا الخوف يدفعهم إلى إتباع الأغلبية في محاولة للتوحد  معهم حتى ولو كان ذلك على حساب إخفاء وجهة نظرهم التي قد تختلف مع الأغلبية وبالتالي التزام الصمت حولها . ليزداد هذا الصمت عندما تعمل وسائل الإعلام على تدعيم آراء الأغلبية "


 ومما سبق يتضح أن نيومان من خلال هذه الفرضية أدمجت جملة من الفرضيات الفرعية التي نستنتجها كما يلي:


1- إن الرأي العام لدى جمهور المتلقي ينقسم إلى رأي الأغلبية المدعمة لمضمون وسائل الإعلام ورأي الأغلبية المعرضة والتي تلتزم الصمت خوفا من العزلة.


2- الرؤية الاجتماعية للقضايا إذ أن الأفراد  يرون الأحداث بما تراه الجماعة ويتمسكون بهذه الرؤية ( الأفراد  يرون الأحداث بعين الجماعة التي تسيطر عنها وسائل الإعلام ).


3- إن وسائل الإعلام تقوم بنشر وتعزيز وجهات النظر السائدة والمهيمنة على الرأي العام.


4- إن معظم الأفراد يخشون من العزلة الاجتماعية عن بيئتهم ويرغبون في أن تكون آرائهم مدعومة من المجتمع قصد كسب الاحترام فيه.

   

3 - محتوى نظرية دوامة الصمت


     ترى هذه النظرية إن وسائل الإعلام تتخذ أحيانا مواقف معينة اتجاه القضايا أو الشخصيات ويؤدي هذا إلى تأييد معظم الأفراد للاتجاه الذي تتبناه وسائل الإعلام بحثا عن التوافق الاجتماعي ، أما الأفراد المعارضين فإنهم يتخذون موقف الصمت إما خوفا من العزلة الاجتماعية أو تجنبا للاضطهاد والصراعات الاجتماعية ، بالتالي إذا كانوا مؤمنين بآراء مخالفة لما تقدمه وسائل الإعلام فإنهم يكبتون تلك الآراء ويميلون إلى عدم التعبير عنها إما إذا كانت أرائهم منسجمة مع مات بثه وسائل الإعلام فإنهم يعملون على إبرازها والإعلان عنها قصد الحصول على القبول والاندماج الاجتماعي .


     ولأن معظم الناس يعتقدون أن الجانب الذي تؤيده وسائل الإعلام يعبر عن الاتجاه السائد في المجتمع فان الرأي العام الذي تتبناه وسائل الإعلام يضل يقوى .وربما يخلق ضغوط اكبر على الأفراد المخالفين لهذا الرأي وهكذا نحصل على اثر لولبي يزداد ميلا اتجاه الجانب السائد الذي تتبناه وسائل الإعلام بغض النظر عن الموقف الحقيقي للجمهور.


أما الهيوكاز فقد لخص نظرية دوامة الصمت في الأفكار التالية


  •  كل الأفراد لهم أراء.
  • الخوف من العزلة الاجتماعية يجعل الأفراد لا يعلنون عن أرائهم إذا علموا  أنها لا تحض بتأييد الآخرين. 
  •  يقوم كل فرد بإجراء استطلاعات سريعة لمعرفة   مدى التأييد أو المعارضة للرأي الذي يتبناه.
  •  تعد وسائل الإعلام من المصادر الرئيسية لنشر المعلومات و عرض الآراء و مناخ التأييد أو المعارضة.
  •  تقوم الأطر المرجعية ( مؤسسات التنشئة الاجتماعية) الأخرى بعملها.
  •  تميل وسائل الإعلام لأن تتحدث بصوت واحد و في الغالب يكون محتكرا.
  •  تميل وسائل الإعلام إلى التحيز في عرض الآراء مما يؤدي إلى تشويه الرأي العام.
  •  يدرك بعض الأفراد أو الجماعات أنهم غير مسايرين لرأي الأغلبية مما يدفعهم إما لتغيير أرائهم لتنسيق مع رأي وسائل الإعلام  أو يلتزمون الصمت تجنبا للضغوط الاجتماعية.

4 - الانتقادات الموجهة لنظرية الصمت


  • رأت بعض الأبحاث الأمريكية أن مفهوم الأقلية الصامتة يفتقد للدقة ، فكثيرا ما تتحدث الأقلية مع الآخرين رغم اختلافها معهم (نقاشات الحملة الانتخابية لبوش جورج 1988).
  •  إن صمت الأفراد لا يرجع بالضرورة إلى الخوف من العزلة الاجتماعية و إنما يكون نتيجة عدم إلمام الأفراد بالمعلومات الكافية عن القضية المطروحة للنقاش.
  •  إن رأي وسائل الإعلام لا يعبر بالضرورة على رأي الأغلبية المزيفة التي تروج لها (شيلر).
  • نظرية دوامة الصمت أهملت تأثير البيئة السياسية و الاجتماعية ( الجماعات المرجعية ) في تكوين الرأي العام و خاصة في القضايا المهمة التي تحدد مصير الشعوب.
  •  الشك في افتراض التكرار و هيمنة وسائل الإعلام في تشكيل الرأي العام و تجانس هذا الدور و خاصة مع وجود الديمقراطيات الغربية التي تتعدد فيها الآراء و المصالح و يصعب على وسائل الإعلام فيها أن تتبنى اتجاه ا واحدا ثابتا من القضايا المثارة.
  • التطور التكنولوجي الحديث و فتحة قنوات تواصل مختلفة التي أتاحت فرص متعددة لمختلف الأقليات المعارضة حول القضايا أتاحت لها الفرص للتعبير عن أرائها المعارضة بكل حرية كما الحال خاصة عبر التطبيقات المختلفة المستخدمة في شبكة الانترنيت.

تعليقات

التنقل السريع