سنحاول التعرف على الدور الذي لعبه الاستثمار بتكنولوجيا المعلومات و الاتصال في بروز الاقتصاد المعرفي وذلك من خلال التطرق إلى مراحل ظهور الاقتصاد المعرفي و التي تجسد دور الاستثمار ب TIC في ظهور الاقتصاد المعرفي وهذا بعد عرض الاطار النظري للاستثمار في TIC ..
الاستثمار في تكنولوجيا المعلومات والاتصال
أولا: مفهوم الاستثمار في التكنولوجيا المعلومات
منذ ظهور الانترنت عالميا في منتصف التسعينات من القرن الماضي ازداد توجه منظمات الأعمال إلى الاستثمار في المعلومات، وساعد هذا على ذلك ظهور عدد من الدراسات التي أكدت بأن الزيادة الكبيرة في إنتاجية الولايات المتحدة الأمريكية خلال النصف الثاني من عقد التسعينات كان عائدا بشكل كبير تتبنى التكنولوجيا ، و أخرى أكدت بأن الاستثمار تكنولوجيا المعلومات في منظمات الأعمال ذات العمالة الماهرة، مما أدى إلى تسهيل وتحفيز ظهور العديد من الإبداعات الجديدة على المستوى المنظمة وتحويل مهامها من تخزين البيانات ومعالجتها إلى صياغة القرار الإداري من خلال إحداث منصب مدير المعلومات ضمن هيئة مدراء المنظمة . وهكذا تم الاعتماد على التكنولوجيا ليس فقط في حفظ النفقات وتسريع إنجاز العمل وإنما أيضا لتحسين الخدمة المقدمة أو السلعة المنتجة وزيادة مرونتها بما يتلاءم واحتياجات المستهلك وتسهيل الإبداع في تقديمها.
وفي كثير من الحالات أصبحت تكنولوجيا المعلومات جزء من السلعة أو الخدمة ذاتها مثل خدمات حجوزات الطيران جزء استراتيجيا في بنية المنظمة التحتية مثل البنوك والمؤسسات المالية والأسواق المالية.
وعلى الرغم من الفوائد والعوائد الاقتصادية والايجابيات المتوقعة من استخدام المالي عليها، ألا أن الاستثمار فيها يواجه العديد من المشاكل والعقبات والصعوبات تذكر منها:
1. يتطلب الاستثمار في تكنولوجيا المعلومات رأسمال كبير لا تقدر عليه العديد من منظمات الأعمال الصغيرة والمتوسطة ولا تراه مجديا في ظل هامش ربحها المنخفض.
2. فشل العديدة من المستثمرين في التحقق منه ومراقبة وحماية حقوق ملكية الأصول غير الملموسة الناشئة عن الأبحاث والدراسات والتطوير التي استثمرت فيها أموالهم .
3.وجود فجوة بين طموحات المنظمات من الاستثمار في التكنولوجيا المعلومات وبين ما تحقق فعلا و هذا ما يؤكده المسح الذي أجرته منظمة إدارة المعلومات والصور على البنوك عام 2004.
4.ضعف المعرفة المالية لدى موظفي تكنولوجيا المعلومات الأمر الذي أدى إلى الضعف في مقدرة توقع العائد المالي للاستثمار في نوع تكنولوجيا المعلومات المقترح أو المصمم أو المستخدم و هو ما أكده أيضا المسح الذي أجرته كلية الإدارة في جامعة الشمالية الغربية الأمريكية عام 2003 بالتعاون مع إحدى شركات الاستثمار.
5.في كثير من الأحيان لم تحسن تكنولوجيا المعلومات من إنتاجية المهام المستخدمة والموكلة إلى الموظفين، وهذا يضع عائقا أمام استثمارات جديدة في تكنولوجيا المعلومات .
6. إدخال تكنولوجيا المعلومات في بعض منظمات الأعمال قد يستدعي إعادة الهيكلة الإدارية للمنظمة جذريا الأمر الذي لا يحبذه مدراء هذه المنظمات لما ينطوي عليه من مخاطر غير محسوبة.
ثانيا: طبيعة العملية الاقتصادية لتكنولوجيا المعلومات
لعل السبب في وجود مثل هذه المشاكل والصعوبات في الثورة التكنولوجيا المعلومات هو طبيعة العملية الاقتصادية لتكنولوجيا المعلومات، فعملية الاستثمار هذه تتضمن التزامات مالية كبيرة ونفقات تشغيلية متكررة وغير قابلة للرجوع غنها وذات عوائد تعتمد كليا على كميات غير قابلة التبوء بها، وإن حالة عدم التأكد هذه لها ثلاث تأثيرات على عملية اتخاذ القرار الاستثماري:
- لأن الاستثمار في تكنولوجيا المعلومات غير قابل للرجوع عنه، فإن الحصول على معلومات إضافيه أمر ذو قيمة كبيرة لأنه يقلل من حالة عدم التأكد. وإذا لم تتوفر معلومات كافيه، فإن الخيار البديل هو تأجيل الالتزام بالاستثمار.
- حتى وبعد عملية الالتزام بالاستثمار أو قرار تأجيله، فإن إبقاء الباب مفتوحا أمام القرار الاستثماري أمر ذو قيمة. وهنا يكون الخيار إما بالاستثمار أو زيادته. وإذا كان المشروع الإقتصادي لديه مثل هذه المرونة الاستثمارية، فهو بالتأكيد أفضل من مشروع آخر لا مرونه فيه.
- في خضم الخيارات المذكورة أعلاه، لا بد من التأكيد بأهمية الحقيقة الإقتصادية في الثورات الصناعية والتكنولوجيا والتي مفادها بأن "الداخلون الأوائل لأي نوع من أنواع تكنولوجيا المعلومات هم الرابحون الأكبر والأواخر هم الخاسرون ، وذلك كما تؤكده العديد من الشواهد الاستثمارية .
ويمكن تصنيف المشروعات الإقتصادية في تكنولوجيا المعلومات بحسب أهدافها إلى ثلاثة أنواع:
النوع الأول: مشروعات الكفاءة التشغيلية:
وهي التي تهدف إلى زيادة الطاقة الإنتاجية من خلالها يتم تخفيض التكاليف أو زيادة الأعمال التي تقوم بها المنظمة. ويؤكد (Gauthier and Sifonis, 1990) بأن معظم المشروعات الإستثمارية في تكنولوجيا المعلومات التي تقع ضمن هذا التصنيف هي الأكثر نجاحاً.
النوع الثاني:مشروعات البرامج الإستراتيجية:
والتي تهدف إلى تغيير ربحية أو تنافسية أو نظرة الآخرين إلى المنظمة من خلال تحسين النوعية أو زيادة الربحية. وتنطوي هذه البرامج على مخاطر كبيرة كونها تنشئ عنها تغييرات جذرية – إيجابية أو سلبية – في أداء المنظمة. وتشمل هذه المشروعات برامج ربط العملاء أو مزودي المدخلات ببرامج ونظم معلومات مشتركة فيما بينهم بما يؤدي إلى تعزيز روابط العمل وزيادته بينهم.
النوع الثالث:مشروعات تحوُل الأعمال:
والتي تهدف إلى نقل المنظمة من وضع تنافسي غير محبذ أو قطاع إقتصادي خامل إلى منظمة ناجحة ذات أعمال متنامية. وفي هذه الحالة يشكل الإستثمار في تكنولوجيا المعلومات أصلاً من أُصول المنظمة وليس تكلفة في حساب الأرباح والخسائر، وليست هذه المشروعات ذات إنتشار كبير خاصة في الوطن العربي.
ثالثا: عوامل نجاح الاستثمار في التكنولوجيا المعلومات
يعتمد نجاح الاستثمار في تكنولوجيا المعلومات على نجاح هذه المنظمات و خصائص أعمالها ، التي من أهمها حقوق الملكية والتي تتراوح بين براءات الاختراعات وحقوق التصميم والنسخ والمعلومات السرية والأسرار التجارية والمعرفة التشغيلية وتمثل هذه الخصائص أهم أصول هذه المنظمات. وبالتالي فإن قدرة هذه المنظمات على:
- امتلاك وحماية حقوق ملكيتها .
- استغلال وتسويق منتجاتها .
- صنع الآخرين من الاستفادة م من حقوق ملكيتها.
كل ذلك سوف يحدد مدى نجاح المنظمة تجارية ومن جهة ثانية يعتقد بعض الخبراء بأن إدارة المنظمة تحمل مفتاح النجاح لملائمة تكنولوجيا المعلومات مع إستراتيجية المنظمة من خلال نوعية القيادة لدى المدراء غير التكنولوجيين في المنظمة و انضمام مدير تكنولوجيا المعلومات إلى باقي المدراء في تشكيل وصياغة إستراتيجية المنظمة.
وحتى يتم ذلك لابد من تقليص الفجوة المعرفية بين المدراء غير التكنولوجيين وزملائهم المدراء التكنولوجيين إلى أقصى حد بالإضافة إلى استمرارية التخطيط لاستثمار في التكنولوجيا المعلومات على اعتبار أن عملية التخطيط هذه هي آلية لإدارة الاستثمارات في تكنولوجيا المعلومات وليس وسيلة لخلق أفكار استثمارية جديدة في تكنولوجيا المعلومات.
وعلى ضوء ما سبق تمكن اقتراح النموذج التالي للاستثمار الناجح في تكنولوجيا المعلومات على:
1- وجود إستراتيجية محددة بالمنظمة و التي يتطلب تنفيذها تطبيق تكنولوجيا المعلومات.
2- تحديد احتياجات المنظمة الحالية والمستقبلية من تكنولوجيا المعلومات .
ويجب أن تتضمن خطة الاستثمار ثلاث دراسات وهي:
- دراسة وضع المنظمة التنافسي والتعرف على استراتجيات المنظمة المنافسة وخاصة فيما يتعلق بتطبيق تكنولوجيا المعلومات.
- دراسة القطاع الذي تنطوي تحته أعمال المنظمة وخاصة فيما يتعلق باتجاهات نموه المستقبلية ودرجة التركز الصناعي والتشريعات والقوانين التي تحكمه
دراسة المصادر البشرية الموجودة في المنظمة ذات العلاقة بتطبيق تكنولوجيا المعلومات، ومدى الحاجة إلى تأهيلها وتحديد موضوعات هذا التأهيل، ومدى الحاجة إلى استقطاب عمالة خبيرة بنوع تكنولوجيا المعلومات المطلوبة، هذا من جهة. ودراسة الأصول الموجودة من تكنولوجيا المعلومات وتحديد المطلوب منها، من جهة ثانية. وبناءاً على الدراسات الثلاث هذه يتم وضع سيناريوهات المنظمة وذلك فيما يتعلق بأي نوع من تكنولوجيا المعلومات .
مراحل ظهور اقتصاد المعرفة و ملامحه عالميا وعربيا
أولا : مراحل ظهور اقتصاد المعرفة :
1- من الاقتصاد التقليدي إلى الاقتصاد الإلكتروني:
نعيش الآن وفرة مادية كانت إلى وقت قصير غير قابلة للتصور في نظر أجدادنا الذين عاشوا في ظل ظروف ندرة المصادر وقصور الموارد ؛فقد ارتفع دخل الفرد السنوي عالميا من 675$ ( بأسعار عام 1990) إلى 5000$ و 20000 كمعدل للفرد في الدول الغنية وذلك عام 1995 وفي عمر البشرية فإن التغير الذي شهدته البشرية في أقل من نصف قرن كان بمثابة البارحة وقد شهدت البشرية الحديثة ثلاث ثورات متباعدة ابتدأت بالثورة العلمية المعرفية التي ظهرت في العصور الإسلامية الوسطى الذهبية، أي في القرن الميلادي السابع عند ما كانت أوروبا غارقة في عصورها المظلمة وأمريكا غير مكتشفة، حيث عمل المسلمون على تطوير المعرفة التي ورثوها عن الحضارة اللاتينية والإغريقية وإرساء المفاهيم والقواعد العلمية الثانية التي ترجمها الأوروبيون واشتقوا منها الجانب التطبيقي فظهرت بذلك الثورة الصناعية إبتداءا من العام 1820 وكان على البشرية أن تنتظر حتى منتصف التسعينات من القرن الماضي (1996) لتظهر ملامح الثورة التكنولوجية وكان أول من تنبأ لهذه الثورة Alvin Toffer في كتابه وعود المستقبل عام 1986 وشرح تأثيراتها الاقتصادية والاجتماعية والنفسية في كتاب صدمة المستقبل ، الصادرعام 1996 ، وعربيا كان العجلوني (1996) من أوائل من أشاروا إلى أهمية تكنولوجيا المعلومات في إدارة التنمية ومن أوائل من استخدموا هذه التكنولوجيا في تقديم الخدمات المالية عالميا خلال:
Directory.com/Advisors www.Venture
تتشابه الثورة الصناعية والثورة التكنولوجية من حيث أن كلا منها استندت إلى تكنولوجيا جديدة لم تكن معروفة من قبل ونشأ عنها سلع وخدمات جديدة ودخول أسواق جديدة وكان أكثر المستفيدين منها هم الأوائل (أي أوائل من استثمر فيها)، وأن كلا من الثورتين نشأت عن استثمارات خاصة برأس مال بشري تطور هذا الاستثمار حتى غدا الاستثمار عاما ورأس مال ماديا.
وكان قد ظهر الاقتصاد ،الذي يعرف الآن بالتقليدي لتفسير العلاقات الناشئة عن الثورة الصناعية كرأس مال ،والعمالة والتكلفة من جهة المدخلات ،والحجم والقيمة من جهة المخروجات . وقد ظهرت بوادر الاقتصاد الجديد الذي نطلق عليه الاقتصاد الالكتروني من خلال ثلاثة قوانين :
1- قانون Grosh's نسبة إلى Herb Grosh أحد رواد الكمبيوتر: وينص هذا القانون على أن قوة الكمبيوتر تزداد بمربع زيادة التكلفة؛ أي ان زيادة قدرة الكمبيوتر على معالجة البيانات تتطلب تكلفة مضاعفة. ومن الناحية الاقتصادية فهذا يتضمن بأنه لابد من زيادة الإنفاق الاستثماري بمقدار الضعفين حتى يتسنى إلى زيادة قدرة الكمبيوتر على معالجة المعلومات ضعفا واحدا.
2- قانون Moore's نسبة إلى Gordan Moore أحد مؤسسي شركة Intel وينص على أن كثافة الدوائر المتكاملة تتضاعف كل سنة ثم تعديله مؤخر ليصبح سنة ونصف السنة؛اقتصاديا هذا يعني سرعة زوال هذه التكنولوجيا نظرا للقفزات الهائلة في النوعية وقدرة هذه التكنولوجيا.
وبالتالي لابد من الاستمرار في الاستثمار حتى يتم جناية العوائد المطلوبة ويعكس ذلك يكون التراجع والخسارة.
كما هو موضح بالشكل التالي :
علاقة عدد شبكات الانترنت وقيمة كل شبكة عاملة:
المصدر: محمد محمود العجلوني ، أثر تكنولوجيا المعلومات ودورها في إدارة التنمية الأردنية، ورقة عمل قُدمت إلى المؤتمر الثاني للإدارة العامه 25-27/11/1996، جامعة اليرموك، إربد – الأردن.
2- التحول من الاقتصاد الالكتروني إلى الاقتصاد المعرفي :
على الرغم من الزيادة المطردة في استثمار منظمات الأعمال العربية في التكنولوجيا المعلومات إلا أن القلة منها استطاعت أن تستخدم هذه التكنولوجيا في تحويل المنظمة وتحصيل الميزة التنافسية التي تستطيع هذه تكنولوجيا أن توفرها ذلك بأنه وبحسب Jean-Clanade فإن تطوير تكنولوجيا المعلومات عامل مهم في ظهور الاقتصاد المعرفي. حيث أن المعرفة يمكن تحويلها إلى معلومات قابلة للتصنيف والنقل عبر أجهزة الكمبيوتر وشبكة الاتصالات؛ وحيث أن تكلفة الحصول على المعرفة أصبحت متدنية جدا، فإن حواجز الدخول إلى هذه المعرفة ألغيت تماما.
وحتى تستطيع المنظمات من استغلال تكنولوجيا المعلومات على الوجه الأمثل فلابد لإدارتها من الإحاطة بأحد المفاهيم الحديثة في الاقتصاد المعرفي الناشئة عن التكنولوجيا المعلومات؛ ذلك هو مفهوم إدارة محتوى المنظمة "E.CM" ذلك أن تكنولوجيا المعلومات المستخدمة في المنظمة تنتج كما هائلا من البيانات والمعلومات الغيرهيكلية. ويعد بعض الخبراء بأن هذه المعلومات تمثل أكثر 90% من العمليات الناشئة من عمليات المنظمة.
ان تطور هذا النوع هذا النوع من القواعد المعرفية لدى منظمات الاعمال سوف يؤدي الى ايجاد كم هائل من السلع المعلوماتية القابلة للاستخدام ففي البحث والتطوير والتطبيق والإدارة وعرض السياسات والاستراتيجيات. الأمر الذي سوف يؤدي إلى ظهور النوع الثالث من الاقتصاد ألا وهو الاقتصاد المعرفي أي الاقتصاد القائم على المعرفة دون إلغاء مفاهيم الاقتصاد التقليدي من عرض وطلب ومرونة وتسيير.
وسيكون للاقتصاد الجديد مفاهيمه نظرياته وأدواته التي قد تحدث انقلابا في قياس متغيرات الاقتصاد التقليدي.
لقد ساهم كالاقتصاد التقليدي في إيجاد القواعد التكنولوجية اللازمة لظهور الاقتصاد الإلكتروني، ومما لاشك فيه فإن هذا الاقتصاد الالكتروني سوف يساهم في إيجاد مجموعة القواعد المعرفية اللازمة لظهورالاقتصاد المعرفي. وفي هذا الأخير سوف تتغير قواعد اللعبة من حيث اكتساب الميزة التنافسية إذ ومع تطبيق الجميع لتكنولوجيا المعلومات بنفس مستوى الكفاءة تصبح الحاجة إلى ملعب جديد لاكتساب الميزة التنافسية. وهنا يأتي دور قواعد المعرفة الموجودة داخل المنظمات ذاتها؛ وذلك بالتركيز على قيمة التكنولوجيا في تقديم الخدمة ونوعية رأس المال البشري. وسوف يكون قطاع الخدمات المالية والمصرفية والتأمين والتجارة والاتصالات من أكبر مشتري السلع المعلوماتية والتكنولوجيا الاتصالات.
ولابد من التأكيد بأن هناك متطلبات كما أن هناك مخاطر قد تكون غير محسوبة سواء التحول من الاقتصاد التقليدي إلى الاقتصاد الإلكتروني أو من الاقتصاد الكتروني إلى الاقتصاد المعرفي ولعل من أهم هذه المتطلبات هي الاستثمار في الإنسان.
أيضا تتطلب الاقتصاد المعرفي ديناميكية أكثر في العلاقات العمالية وهذا يتضمن مراجعته التشريعات العمالية دون فقدان مكتسباتها ولابد أن يكون ذلك ضمن الأطر الثقافية للمجتمع إذ يؤكد عالم التاريخ الاقتصادي David Landes بأن ثقافة المجتمع هي التي تحدد الفرق بين الدول من حيث النمو والأداء الاقتصادي وفي هذا السياق فلابد من سياسات جديدة للتخطيط الاقتصادي تأخذ بعين الاعتبار ثلاثة أمور:
1- زيادة قدرة العمال والمجتمع على التكيف.
2- تقليل التكلفة الاجتماعية لعملية التكيف وبخاصة العمالية المتضررة والتجمعات السكانية الصغيرة والنائية.
3- زيادة قدرة المؤسسات وخاصة للحصول على الاستثمارات التكنولوجية المتخصصة والاستثمار برأس المال المخاطر.
ثانيا: ملامح اقتصاد المعرفة عالميا وعربيا:
ملامح اقتصاد المعرفة على المستوى العالمي:
نقلا عن برنامج الأمم المتحدة الذي يرى أن اكتشاف مناجم الذهب والسيطرة على الآليات الصناعية لم تعد تؤدي إلى العظمة الاقتصادية، فالسبل الجديدة هي القدرة على إنتاج برامج معلوماتية وإمكانية فك الرموزالجينيات ؛من أهم الدول التي بدأت تركب قطاع الاقتصاد المعرفي وبنجاح:
* أوروبا حزمت أمرها في النصف الثاني من القرن المنصرم ( الهاتف المحمول ،الانترنت ،الإعلام ،الإعلان ،الدمج المعلوماتية...)
* أمريكيا اللاتينية وشرق أسيا تضررا لبعض الوقت انمااستعادتا فيما بعد المكانة في هذا المجال تليها هونغ كونغ - ماليزيا – فنزويلا.
* الهند أيضا نجحت في بناء صناعة برمجية عالية واستطاعت أن تحصل على 5.18 % من السوق البرمجية العالمية وشغلت هذه الخدمة 200.000 من أبنائها.
كما شكلت صادرات الهند من البرمجيات ما نسبته 5.4% من مجمل صادرات لعام 1999،وكان من المتوقع ان تصل الى 23%في عام 2002 ؛وهذا ما سنحاول توضيحه من خلال عرض التجربة الهندية لاحقا.
* في الولايات المتحدة ارتفع الإنفاق إلى أكثر ن 43 % 1996 في حين كان عام 1960 أقل من 5% وطبقا لتقديرات وزارة التجارة الأمريكية ( 1990 /1995) أثمرت صناعة تقنيات المعلومات والاتصال في الولايات المتحدة عام 1990 عائدات قدرتها 683 ألف مليار دولار ارتفعت الاستثمارات على مستوى العالم في مجال الاتصال عن بعد من 155 ألف مليون في 1995.
كما أظهرت تقرير برنامج التنمية للأمم المتحدة الصادر عام 1994 أن قطاع الخدمات في اقتصاديات دول مثل سنغافورة أو هونغ كونغ أو المجر كان يشكل أكبر من 60% من النشاط الاقتصادي للدولة وحتى في الدول الأقل تقدما شكل قطاع الخدمات 43 % بينما شكل قطاع الزراعة 37 % أما قطاع الصناعة 20%
وهنا جاء قول أحد الاقتصاديين Freeman's إن تكنولوجيا المعلومات والاتصالات سوف تحدث موجة طويلة جديدة من النمو الاقتصادي دافعه لنشأة وتطور مجتمعات المعلومات.
ان نصيب الدول الصناعية الكبرى السبع* يملكون 426 شركة من أكبر 500 شركة كوكبية هذا ما جاء في المجلة الأمريكية "Fortune" قي 7/8/1997.
(إن القوة الاقتصادية الفاعلة في تشكيل الكوكبة ترتبط ولو شكليا بالدول السبع التي يجتمع رؤسائها مرة كل عام أنهم مجلس إدارة اقتصاد العالم).
لقد أنفقت تلك الأقطار عام 1996 على رأس أعمال البحث والتطوير أي أبحاث تحويل المعرفة لعملية التطبيقية إلى تقنيات إنتاج 345 مليار دولار مقاسمة ما بين الدول والقطاع الخاص .
2- ملامح اقتصاد المعرفة على المستوى العربي:
اقتصاد العالم العربي بقي لحقبة طويلة من الزمن مرتبطاوبشكل عضوي بأسعار النفط، فلم يكن هناك من بنية تحتية ولااستثمارات ولا قوانين تواكب التطور التكنولوجي. فالمجتمع العربي لم يستعد بعد لدخول في زمرة مجتمعات المعلومات رغم أن صناعة المعلومات قد كسب ارضالابأس بها في العديد من البلدان العربية بالتحديد ( لبنان، دبي، مصر) وانها لا تزال في مراحل البداية.
إن الاهتمام العربي بصناعة المعلومات ينحصر في دعامتين:
* صناعة البرامج والاتصال بشبكات المعلومات.
* صناعة الإلكترونيات الدقيقة وأجهزة الحاسبات الآلية؛والذي هو قائم على إستيراد الحاسبات المنتجة بصورة كاملة في بلادها أو تتم عمليات تجميع فردية بعد استيراد مكونات الحاسبات بصورة كاملة من بلادها.
إن 80% من قيمة الاستثمارات والتصميمات في الوطن العربي يوكل إلى بيوت الخبرة الأجنبية.
نجد أن التبادل الأفقي بين البلدان العربية في مجال المعلوماتية يكاد يكون غالبا وأسبابه متعددة لعل أبرزها :
- ضعف البنى التحتية.
- هجرة الموارد البشرية والمادية.
- غياب الدراسات الوطنية.
- محدودية حجم السوق العربي الذي يصعب اجتذاب رؤوس الأموال الوطنية والأجنبية.
المراجع/
- ECM : Entreprise content Mangement
- * الولايات المتحدة الأمريكية ، اليابان، ألمانيا، فرنسا، بريطانيا، إيطاليا، كندا.
- محمد أحمد العجلوني، اقتصاديات الاستثمار في التكنولوجيا المعلومات ودوره في الاقتصاد المعرفي، ورقة عمل قُدمت إلى الملتقى الدولي حول تسيير المؤسسات ؛ المعرفة: الركيزة الجديدة والتحدي التنافسي للمؤسسات والاقتصاديات ،12-13 نوفمبر 2005 كـلية العلوم الاقتـصـادية و التسـيير جامـعة محمد خيضر بسكـرة،الجزائر
- محمد محمود العجلوني أثر تكنولوجيا المعلومات ودورها في إدارة التنمية الأردنية، ورقة عمل قُدمت إلى المؤتمر الثاني للإدارة العامه 25-27/11/1996، جامعة اليرموك، إربد – الأردن .
تعليقات
إرسال تعليق