القائمة الرئيسية

الصفحات

بحث حول العلاقات العامة التفاوضية

  

مدونة علوم الإعلام والاتصال




مهارة التفاوض لرجل العلاقات العامة

 

مقدمة:

جميعنا نتفاوض كل يوم، حيث أن جزءاَ كبيرا من وقتنا يذهب في التفاوض في محاولة للوصول إلى اتفاق مع الآخرين، قد نسعى للتفاوض بروح الفريق المتعاون، ولكننا غالبا ما نصاب بالإحباط، لأننا نسعى دائماَ للحصول على (نعم).

 وفي الكثير من الحالات لا نحصل إلا على الجواب (لا).

في مفهومه العام فإن التفاوض هو عملية التفاهم، الأخذ، العطاء بهدف الوصول إلى اتفاق مع الآخرين الذين يجمعنا بهم بعض المصالح والاهتمامات، بينما تتعارض بعض مصالحنا واهتماماتنا الأخرى.

فالتفاوض لا يعني فقط تلك العملية الرسمية التي من خلالها يجلس المتفاوضون حول مائدة المفاوضات للحوار والمناقشة لموضوع متنازع عليه، بل نشاط يومي غير رسمي يقوم به كل فرد  كلما حاول الحصول على حاجة من الآخرين. 

في الوقت نفسه فإن التفاوض عملية منظمة رسمية تتم بين المنظمات والأفراد داخل الإدارات، بين الدول، والمؤسسات وهذه العملية  تنفرد بخصائص معينة، تحكمها مبادئ محددة.

من الناحية الإدارية فإن التفاوض يعتبر من المجالات الهامة التي ترتبط بأعمال أنشطة الإدارة،

 "المدير الناجح مفاوض ناجح"

لا يقتصر التفاوض في المنظمات المعاصرة على التفاوض الإداري بين الإدارة والمرؤوسين، أو بين الإدارة ونقابة العمال، بل يمتد ليشمل التفاوض مع العملاء في السوق، مع الموردين المنافسين، الأجهزة الحكومية، وجماعات الضغط، الأجهزة الشعبية المحلية وغيرها.

ماذا نقصد بالتفاوض؟

إن الفهم الصحيح لمفهوم التفاوض وطبيعته يساعد على تحديد الاتجاه الصحيح لأنشطة عملية التفاوض في الممارسة العملية. 

لذلك سنذكر بعض التعاريف للتفاوض:

يعرف kennedy وزملائه التفاوض على أنه: ( تلك العملية الخاصة بحل النزاع بين طرفين أكثر، الذي من خلالها يقوم الطرفين (أجميع الأطراف) بتعديل طلباتهم بغرض التوصل إلى تسوية مقبولة تحقق المصلحة لكل منهما).

يرى fowler  أن التفاوض (عملية متكاملة وليس مهارة واحدة) بالتالي فإن هناك مجموعة من المهارات يجب توافرها للقيام بعملية التفاوض بطريقة فعالة.

يرى Evans  أنه يوجد مفاهيم عديدة للتفاوض تعكس وجهات نظر متعددة للممارسين للتفاوض، كما أن هذه المفاهيم المختلفة يمكن أن تشير إلى عدة اتجاهات لطبيعة التفاوض بشكل متباين جدًا.

لذا سنفرق بين مفهوم التفاوض المفاهيم الأخرى:

الجدل:

لا ينكر أحد من الذين يمارسون التفاوض أنه لا يستخدم الجدل، ولكن هل التفاوض هو الجدل بعينه ؟ 

الإجابة هنا هي النفي  فالتفاوض ليس الجدل، الجدل عندما يحدث بين فردين مثلا، بغض النظر عن الاستخدام المفرط للعواطف والانفعالات، وعدم الإنصات الحقيقي، وتوجه كل طرف بوجهة نظره وتمسكه بها، حدة المناقشة وغير ذلك، فإن أكثر ما يلفت نظرنا كيف أن كل فرد – مع نهاية عملية الجدل – استطاع أن يقنع نفسه بأن وجهة نظره صحيحة بدون أن يقنع الطرف الآخر أو يحركه لسنتيمتر واحدٍ عن موقفه.

 هكذا في المقابل فإن التفاوض لا بد أن ينطوي على الإقناع، الحث على تقبل وجهة النظر الأخرى، كما أنه يتعلق بتحريك الطرف الآخر من وضعه الحالي إلى وضع آخر أكثر اتفاقا مع وجهة نظر الطرف الآخر.

المناقشة:

لا يعتبر التفاوض في طبيعته نوعا من المناقشة بمعناها المتعارف عليه، إنك تستطيع مناقشة شيء معين مثل السياسة، الرياضة، البحث العلمي، تقضي ساعات وأنت تحاول الوصول إلى اتفاق مع الآخرين. 

المناقشة لا تنطوي على الإنفعال الموجود في الجدل، ولكنها ربما تكون غير فعالة في إقناع وحث الآخرين على تقبل وجهة نظرك، المناقشة قد تكون في بعض الحالات غير هادفة، حيث تكون مجرد طريقة من طرق استهلاك الوقت في جلسة إجتماعية، أو مجرد أسلوب لمعرفة وجهات النظر المختلفة حول قضية معينة. 

أما التفاوض فإنه لا بد وأن يكون له هدف، لذلك فالمناقشة هي أحد مظاهره، ولكن ليست هي التفاوض نفسه.

 هل التفاوض صفات موروثة أم مهارات مكتسبة؟

في الواقع لا ننكر أن بعض الأفراد يولدون لديهم صفات مؤكدة مطلوبة في المفاوض الناجح، يصقلون هذه الصفات من خلال ممارستهم العملية في العمل والخبرة التفاوضية، بالتالي فإنهم يبدؤون بطريقة صحيحة، يستمرون وحدهم في تحسن مطرد في ممارسة العمليات التفاوضية. 

من بين هذه الصفات: الذكاء، اللباقة، سرعة البديهة، الجرأة، الميل إلى التفاعل غيرها.

ولكن من ناحية أخرى، هناك العديد من الأفراد الذين لا يمتلكون هذه الصفات الموروثة، ولكنهم من بين المفاوضين الماهرين، ذلك من خلال تنمية المهارات skills  اللازمة للتفاوض عن طريق التعلم، التدريب، الممارسة الفعلية لاكتساب الخبرة.

فالتفاوض علم ينطوي على "مبادئ، استراتيجيات، تكتيكات" لا بد من معرفتها والتعلم على كيفية ممارستها في الوقت نفسه، حيث يستوجب ضرورة توافر مهارات الاتصال الفعال الإنصات، الحوار، التفاعل الإجتماعي، الإقناع، الحث، اللباقة، القدرة على التصرف وغيرها، التي يمكن استخدامها من خلال: التدريب، التعلم الإجتماعي social learning   الذي يعتمد على محاكاة سلوك الآخرين، وكذلك من خلال الممارسة الفعلية الخبرة المتراكمة.

الخلاصة: هي أن المفاوض الناجح ليس بالضرورة أن يولد ولديه صفات المفاوض الناجح، ولكن يمكن اكتساب المهارات اللازمة لذلك من خلال التدريب الممارسة المحاكاة. 

وفي حالة توافر بعض الصفات المطلوبة في المفاوض الناجح لدى أحد الأفراد فإن هذا يساعد على مزيد من التميز في هذا المجال.

  التفاوض كنظام

 

المدخلات

تحويل

مخرجات

أطراف التفاوض

حوار نقاش

نجاح

بيانات /وثائق

تبادل آراء مقترحات

تأجيل

أدوت مساعدة/ مكان مجهز

تكتيكات

فشل

ميزانية

توجيهات


كل هذا ضمن بيئة محددة، وكل بيئة تحتمل أثر مرجعي مختلف عن الآخر.


ما هي قواعد لعبة التفاوض؟

  • أنت تتفاوض بمحض إرادتك ولا يوجد من يجبرك على هذا إلا صاحب العمل فلك الحق أن ترفض مقابلة الطرف الآخر أو تأجلها أو تنهيها.
  • أنت تتفاوض لأنك تود تغيير الوضع الراهن فالوضع الراهن غير محبوب ومطلوب تغييره لصالح الطرفان.
  • الدخول في التفاوض يعني رغبة الطرفان في المقابلة والتحدث والتفاوض قبل الوصول إلى اتفاق نهائي.
  • التوقيت عنصر حاسم في التفاوض فالوقت الذي يسلك فيها الطرفان يؤثر في مناخ التفاوض وفي النتيجة.
  • التوصل إلى نتيجة ناجحة للتفاوض لا يعني أن الطرفان قد فازا (أن أحدهما قد فاز والآخر قد خسر) وإنما يعني هذا: أنه تم التوصل لحل وسط يرضي  الطرفان.
  • تتأثر عملية التفاوض بما يملكه الطرفان من القيم الشخصية والمهارات وطريقة الفهم والاتجاهات النفسية على مائدة التفاوض.

 

 

 خطوات التفاوض

تمر عملية التفاوض بمراحل يمكن وضعها في 6 خطوات وهذه الخطوات هي كالأتي:

الإعداد: وفيها يتم تحديد موضوعات التفاوض وتحديد الأهداف الواجب تحقيقها في كل موضوع من موضوعات التفاوض.

تحديد الإستراتيجية: وفيها يقوم كل طرف بتحديد إستراتيجية تفاوضية والأساليب التي سيتبعها في التفاوض.

البدء: وفيها يقوم كل طرف بتقديم طلباته المبدئية من الطرف الآخر أتقديم أفكاره.

فهم الموقف: وفيها يقوم كل طرف بتبرير موقفه للطرف الآخر ويحاول أن يفهم موقف الطرف الآخر.

التفاوض: وفيها يحاول الأطراف تقديم تنازلات.

النهاية: وفيها يتم التوصل إلى اتفاق نهائي التوقف المرحلي إلى حين.


الإعداد للتفاوض:

الإعداد للتفاوض يعني القيام ب 3 مهام رئيسية:

  • تحديد أهداف التفاوض.
  • تقييم الطرف الآخر.
  • تقييم نقاط قوتك ونقاط ضعفك.

 

أولا: تحديد أهداف التفاوض:

من الضروري أن تبدأ بتحديد أهدافك فبدون أهداف ستصل في النهاية إلى شيء ومكان آخر.

 

كيف تحدد الهدف؟

حدد 3 أبعاد للهدف في كل موضوع من موضوعات التفاوض:

  • الحد الأعلى للهدف: ويعني أفضل ما يمكن الوصول إليه.
  • الحد الأدنى للهدف: ويعني أقل ما يمكن قبوله.
  • الحد العملي للهدف: ويعني المستوى الأكثر احتمالاً وواقعية.

 

كيف تحدد حدود الهدف؟

  • الحد الأعلى للهدف: حدودك هي آمالك وأحلامك بالنجاح في التفاوض.
  • الحد الأدنى للهدف: حدودك هي (أفضل بديل قبل فشل التفاوض).
  • الحد العملي للهدف: حدودك هي نقاط القوة ونقاط الضعف لدى الأطراف.

 

أفضل بديل قبل فشل التفاوض: ويعني هذا ما الأدنى الذي يمكن تقبله ولا يمكن أن تقبل أقل منه وإلا باءت المفاوضات بالفشل.

وعليك أن تحدد ما يلي:

  • ما أقصى قدر من التنازلات تستطيع تقديمه.
  • ما الحد الذي يجب أن تتوقف عنده في التفاوض.
  • ماذا يحدث لتوقف التفاوض أفشل.
  • هل يحتاج إلى الطرف الآخر بعد التفاوض.
  • هل يحتاجك الطرف الآخر بعد التفاوض.

 

ثانيا: حلل الطرف الآخر:

يعتمد جزء كبير من إعدادك على قدر كبير على تحديد ما يلي:

  • إعرف الموضوعات (والبنود) الذي سيتحدث فيها الطرف الآخر وضعها في جدول الأعمال.
  • فند إدعاءات الطرف الآخر عن كل بند.
  • إعرف ما الذي يحاول أن يصل إليه الطرف الآخر في كل بند.
  • حبس نبض الطرف ي ادعاءاته فربما ترشدك أن هناك مشكلة أخرى أكثر أهمية.
  • اجمع معلومات دامغة عن الموضوع قبل بدء التفاوض.
  • حاول التعرف على الحقائق والأسانيد التي سيستخدمها الطرف الآخر والتي تعزز مطالبه.
  • توقع وجود شيء ما خلف الستار أثناء التفاوض (أي جدول أعمال خفي وغير معلن).
  • إعرف كيف يسلسل؟ ويرتب موضوعاته؟.
  • إعرف كيف يبدأ الحديث؟ وكيف يسأل؟ وكيف يدافع؟ وكيف يهاجم؟.
  • إعرف أين تكمن قوة الطرف الآخر وضعفه؟.
  • إعرف علاقة رئيس الطرف الآخر بالأعضاء.
  • إعرف حدود القوة والصلاحيات المتاحة للطرف الآخر.

  • إعرف نقاط القوة والضعف الخاصة بك :

تتمثل نقاط القوة في:

  • صلاحيات اتخاذ القرار.
  • الحدود المالية.
  • كمية المعلومات.
  • حدود الوقت المتاح.
  • الجوانب الأخلاقية في الموضوع.
  • مثابرة وإصرار المفاوض.
  • الإعداد المسبق والتحليلات.
  • خبرة وتجارب المفاوض.

 

ويتبقى أن تعرف كيف تستخدم هذه القوة:

  • وضح حدود قوتك للطرف الآخر من خلال ممارستك لكل نقاط القوة السابقة.
  • إن كنت معروفا للطرف الآخر فليس لديك أي ميزة.
  • لو كنت أضعف من الطرف الآخر وهو يعرف ذلك فلديك ميزة لا يشعر بها.
  • لو كنت أقوى من الطرف الآخر وهو يعرف ذلك فحاول أن تذكره بقوتك ولوح بتهديد خفي بالانسحاب  أو بعواقب عدم الامتثال إلى مقترحاتك.
  • قمة استخدامك لقوتك هي في الإناع (وليس في هزيمة) الطرف الآخر.
  • لو كنت الأضعف فليس هذا معناه أنك مسلوب القوة والإرادة لأن الحالة خاسرة بالنسبة إليك فالنجاح تقليل الخسارة كلما أمكن.
  • لا تقفز عليه ولا تستغل نقاط الضعف لدى الطرف الآخر وإعرف أنه لابد أن تتماشيا معا وحتى لو كان الطرف الآخر أضعف أعطه بعض الوقت لكي يستخدم قوته في التفاوض.

نصائح في الإعداد التفاوض:

* حدد الموضوعات الأساسية.

اسأل نفسك: ما الحد الأعلى  لأهدافك؟ ما الحد الأدنى لأهدافك؟ ما الحد الأكثر احتمالا لأهدافك؟ ما هي المعايير التي ستستخدمها في الحكم على نجاحك أو فشلك في التفاوض؟ في حالة الفشل، هل يمكن إعادة التفاوض؟ حدد حدود ومعايير انسحابك من التفاوض/  حدد أنواع القوة والنفوذ التي تستخدمها/ حدد نقاط الضعف لديك/ حدد إستراتيجية لأول اجتماع/ اجمع معلومات وحللها عن الطرف الآخر.

* وفي حالة التفاوض في فريق:

  • حدد من المتحدث الرسمي باسم الفريق.
  • حدد دور كل فرد في الفريق.
  • حدد كيف يساهم كل فرد في الفريق في التفاوض.

 

 

تصنيف  بعض استراتيجيات التفاوض وفقا لسلوك المفاوضين


 الإستراتيجية الهجومية

تتجسد هذه الإستراتيجية ببساطة في قيام المفاوض باتخاذ موقف هجومي منذ البداية أثناء جلسة التفاوض الذي يعكس تشدده إصراره على حدوده المثالية للحصول على أفضل المزايا. 

تهدف هذه الإستراتيجية عادة على الحصول على مكاسب أكثر، الحد من احتمالات تقديم تنازلات للطرف الآخر، أو إلى رد الاعتبار. 

إن تطبيق هذه الإستراتيجية يتطلب التمسك بإصرار بالحدود العليا للمفاوض مع الضغط المستمر لإجبار الطرف الآخر على قبولها، كما تتطلب أيضا استعمال التهديد بالمقاطعة أو عدم التفاوض.

 

وهكذا فإنه يمكن القول بأن أهم مظاهر هذه الإستراتيجية:

  • موقف هجومي من البداية في الجلسة التفاوضية.
  • سلوك شبه عدواني من الطرف الذي يستخدمها
  • العناد والتظاهر بعدم تقديم تنازلات.
  • التلميح بالقوة التهديد.
  • استمرار الضغط على الطرف الآخر.
  • عدم التراجع بسهولة أبسرعة.

 

في حالة مواجهة مثل هذه الإستراتيجية فإنك يجب أن تهتم أولاً بامتصاص غضب الطرف الآخر، ذلك من خلال ترك الفرصة له للكلام التعبير عن هجومه، يلي ذلك أن تسعى إلى استخدام الحجج، البراهين لإقناعه مع الاستعداد لتقديم تنازلات بسيطة، ولكن ليس بسرعة تحت ضغط الهجوم، (لا) فإنك سوف تضطر لتقديم المزيد من التنازلات، تشجعه على الاستمرار في إستراتيجية الهجوم.

 

تذكر:

لا تتعامل مع الإستراتيجية الهجومية للطرف الآخر بإستراتيجية هجومية مضادة،بل حاول امتصاص الغضب، استيعاب الهجوم، ثم الدفاع والإقناع، لكن لا تستسلم، لا تندفع في تقديم التنازلات.

 

استراتيجيات الإستراتيجية الهجومية

تشتمل الإستراتيجية الهجومية على عدة استراتيجيات فرعية مستمدة من الممارسة العملية للتفاوض، هي إستراتيجية إطلاق (أفتح) النار على الطرف الآخر، إستراتيجية الحدود المغلقة،  إستراتيجية (أراك في المحكمة االميدان) أخيرا إستراتيجية الفتى المتشدد / الطيب.

 

إستراتيجية إطلاق النار:

يمكن تفهم مضمون هذه الإستراتيجية من خلال المثال التالي: (إذا لم نتوافق فورا على فإننا غير مستعدين لمناقشة أي شيء آخر، هي غالبا تكون مصحوبة بتهديد بالعقاب). 

عندما تواجه مثل هذه الإستراتيجية الهجومية ذات النبرة الحادة التي تحمل في طياتها التهديد والعقاب عليك أن تدرك أن الطرف الآخر يسعى بقوة إلى إجبارك على الاستسلام إلى مطالبه، إلى التخلي عن وضعك الذي كنت تدافع عنه، ثم إضعاف قدرتك واستغلال وضعك التفاوضي في طلب تنازلات إضافية منه.

تستخدم هذه الإستراتيجية المتشددة في حالات التفاوض المشروط، التفاوض المسبوق بشروط معينة، أو في حالة وجود مبدأ أساسي لا بد من اعتماد التفاوض عليه.

 مثال ذلك:

 (لا مفاوضات مع إسرائيل إلا إذا اعترفت بالحقوق المشروعة للفلسطينيين في تقرير مصيرهم، تعهدت بعودة الأراضي المحتلة لأصحابها) ، (لا استئناف للتفاوض مع إسرائيل إلا إذا كانت المفاوضات السورية الإسرائيلية سوف تبدأ من النقطة التي انتهت إليها في عهد الحكومة الإسرائيلية السابقة).

يلاحظ بالطبع إن مثل هذه الإستراتيجية التفاوضية تحمل في طياتها روح المساومة حيث تعتمد على الشرطية.

 رد فعلك لمثل هذه الإستراتيجية يتوقف على مدى التوازن في القوى، عليك أن تسأل نفسك هل الطرف الآخر قوي بدرجة كافية حتى يمكنه فرض طلباته؟ فإذا كانت الإجابة بالنفي عليك أن تتركه يستمر في الكلام عن التهديد الشروط غير المقبولة. 

في المقابل عليك أن تتحدث عن فوائد مميزات مناقشة القضية بدلاً من إثارة ما يهدد المصالح والاهتمامات المشتركة للطرفين.

إستراتيجية الحدود المغلقة:

يمكن أن نلمس إستراتيجية الحدود المغلقة من خلال وجود بعض القضايا العناصر الفرعية المتعلقة بقضية معينة التي يسعى الطرف الآخر إلى إثارة الانتباه وتركيز الاهتمام عليها بأنها غير قابلة للتفاوض.

عند محاولة الحديث عن هذه القضايا فإن الإجابة تكون ممثلة بالرفض الصريح بعنف، حيث أنها تمثل حدود ممنوع الاقتراب منها. 

مثال ذلك:

(نحن في الحقيقة جاهزين لمناقشة المعايير المستخدمة في الترقية بالمنظمة، ولكننا غير مستعدين لمناقشة أي شيء يقلل من حق الإدارة العليا في اتخاذ ما تراه مناسبًا  بخصوص الترقيات).

(الديون يمكن التفاوض على إعادة جدولتها، ولكن لا يمكن التفاوض على إسقاط جزء منها وإلغائها).

في هذه الحالة نجد الطرف الآخر قد يصر على التفاوض على المسائل التي ترفض أنت التفاوض عليها باعتبارها حدود مغلقة، الاحتمالات في هذا الموقف تتشابه مع ما أشرنا إليه في حال إستراتيجية (إطلاق النار) حيث الأمر يتوقف على ميزان القوة بين الطرفين، أو قد يحاول الطرف الآخر تقديم إغراءات وتنازلات للتفاوض على الحدود المغلقة.

 كما تحاول أنت أن تأجل هذه المسالة لحين حدوث تقدم في التفاوض على المسائل الأولى الأخرى، أو قد تتمسك بذلك كنوع من التكتيك المتشدد لتأكيد حقك في تقرير ما الذي يمكن التفاوض عليه، للحصول على تنازلات كبيرة في المسائل الأخرى.

يلاحظ أن تصرف مثل التالي: (دعنا نترك من فضلك هذه المسألة الآن ونناقش الأمور الأخرى عسى أن نصل إلى حل لها) لا يعبر عن الحدود المغلقة، ولكن ينطوي على تحييد هذه المسألة في الوقت الحالي.

 لذلك يجب أن تستخدم إستراتيجية الحدود المغلقة من خلال التحديد الحسم التشدد.

إستراتيجية أراك في المحكمة:

من الإستراتيجية التفاوضية الأخرى التي تأخذ أيضا الطابع الهجومي تلك الإستراتيجية التي يمكن تصورها من خلال المثال التالي:

( أنا غير سعيد بوجودي هنا  في ظل هذه الظروف، ولكنني أعمل بنصيحة توجيهات الآخرين  حيث أحاول مرة أخرى لأتوصل إلى اتفاق، لدي بعض العروض التي أقترح أن تدرسها بعناية، وذلك لأنك إذا تصرفت بشكل غير مقبول سوف أكون سعيد لحل هذا النزاع بوسائل أخرى متاحة لي) .....

لقد تم استخدام هذه الإستراتيجية المتشددة عند بداية التفاوض بين الحكومة المتمردين في دولة السلفادور، حيث عبر كل طرف في البداية عن رغبته في التفاوض من أجل السلام، ولكن كل منهما أعلن أيضا عن استعداده للعودة بكل أسف لمواصلة الحرب الأهلية في حالة عدم موافقة الطرف الآخر على تقديم تنازلات كبيرة للوصول إلى إتفاق.

في حالة مواجهتك لمثل هذه الإستراتيجية فإنه من الأفضل أن تفكر قبل أن ترفض، حتى تضمن استمرارية التفاوض، كما يجب أن تفكر في الوسائل التي يمكن أن تدافع بها، تقلل من تأثير التهديد الذي صرح به الطرف الآخر.

 من الممكن أن تكون مستعد لتقديم تنازلات إذا كان الذهاب إلى القضاء في غير صالحك، ولكن لا تندفع في تقديمها، لا تقدم الكثير في البداية.

دور الفتى المتشدد / الفتى الطيب "استراتيجية الصقور الحمام):

كثيرا ما نمارس أو نواجه إستراتيجية الفتى المتشدد / الفتى الطيب، كما يطلق عليها أيضا  إستراتيجية الصقور الحمام.

 تتلخص هذه الإستراتيجية في قيام الطرف الآخر بهجوم جاف أو عنيف في بداية التفاوض حول القضية موضوع التفاوض، أو حول أحد عناصرها. 

قد يلجأ الطرف الآخر أيضا في هجومه إلى التهديد به، ثم يتبع ذلك مباشرة قيام أحد الأعضاء الآخرين في نفس فريقه التفاوضي (أحيانا نفس الشخص الذي قام بالهجوم) بلعب دور الفتى الطيب من خلال قيامه بعرض شيء وسط معتدل، أو من خلال تقديمه لوعود معينة لمعالجة المشاكل التي قام بإثارتها ذلك في حالة التوصل إلى اتفاق.

تعتبر إستراتيجية الفتى المتشدد / الفتى الطيب من أقدم الاستراتيجيات التفاوضية، والأكثر استخداما. 

كما أن هذه الإستراتيجية تعتبر من أكثر الاستراتيجيات التفاوضية نجاحا في التطبيق العملي إذا ما أحسن تطبيقها، في الوقت نفسه فإن هذه الإستراتيجية تنطوي على بعض المخاطر أهمها أن هجوم الطرف الآخر في البداية قد يستثير غضبك. 

كما أن إتباع أسلوب الفتى الطيب مبكرا أو بسرعة بعد الهجوم قد يشجع الطرف الآخر على الإصرار على موقفه، حيث تزداد ثقته بنفسه.

 

الإستراتيجية الدفاعية:

كما يتضح من الاسم فإن الإستراتيجية الدفاعية تنطوي على قيام المفاوض بالدفاع عن موقفه أو عن حدوده التفاوضية. 

كما تهدف هذه الإستراتيجية إلى تقليل حجم التنازلات المطلوب تقديمها، الرغبة في الحصول على تنازلات من جانب الطرف الآخر، أو إلى إنقاذ ما يمكن إنقاذه، أو إلى تصحيح الأوضاع، المحافظة على استمرار العلاقة بين الأطراف المفاوضة.

من بين الظروف التي تضطر المفاوض إلى إتباع هذه الإستراتيجية ما يلي:

  • عندما يكون المفاوض في موقف ضعيف.
  • عندما تكون هناك الرغبة في تقليل الخسائر إلى أقل حد ممكن.
  • في حالة المواجهة الأولى واتخاذ الإستراتيجية الهجومية من الطرف الآخر.

يراعى عند إتباع هذه الإستراتيجية الاهتمام بالجوانب التالية:


  • تقديم المبررات الكافية المقنعة باستخدام الأدلة الموثقة.
  • استخدام الحقائق الأرقام.
  • المصارحة في بعض الأحيان.
  • التدرج أثناء الدفاع.
  • شراء الوقت.
  • ضبط الأعصاب الصبر تحمل أي سخرية أرفض للمقترحات.
  • التراجع أحيانا بشكل منظم (الإنسحاب الهادئ المنظم).
  • طلب تعويض أحيانا، حتى لكان تعويضا نفسيا.

 

 

إستراتيجية الحدود الروسية

يطلق على هذه الإستراتيجية الحدود الروسية للإشارة إلى منطقة (سيبيريا) هي تنطوي على تقديم عرضين بديلين أحدهما أسوء من الآخر، بالتالي فإن المفاوض يقبل بالإكراه البديل الآخر حتى يتجنب البديل المخيف المرعب.

 يمكن التعبير عن هذه الإستراتيجية من خلال التشبيه التالي:


(أي شيء، ولكن لا ترسلني إلى الحدود الروسية)


وربما يتقدم الطرف الآخر لك بمقترحين، حيث أن الأول أسوء من الثاني، حتى يرغمك على قبول الثاني.

مثال ذلك:

تتقدم نقابات العمال إلى الإدارة باقتراحين الأول تراجع الإدارة عن قرارها بإلغاء مشروع الأجر المرضي الذي كان مطبقا من قبل، الثاني زيادة الأجور بنسبة 15 %  والإدارة قد قررت إلغاء الأجر المرضي بسبب مشكلات مالية.

فإذا قبلت الإدارة زيادة الأجور بنسبة 15% فإن ذلك سيكون الأسوأ لأنه سوف يحمل الميزانية عبئا كبيرا يفوق عبء دفع الأجر المرضي عندئذ اضطرت الإدارة إلى قبول الاقتراح الخاص بعودة مشروع الأجر المرضي لأنه أقل ضررا.

من ناحية أخرى يمكن التعامل مع هذه الإستراتيجية – في بعض المواقف التفاوضية – من خلال استخدام إستراتيجية الحدود المغلقة السابق الإشارة إليها.

 كما يمكن مواجهة الاقتراح المتشدد أو الأكثر سوءً بتقديم اقتراح مضاد متشدد، حيث يمكن أن يؤدي ذلك إلى حركة متبادلة أو إلى أرضية مشتركة بين الطرفين تدفعهما إلى الإنسحاب المتبادل للاقتراحين المتشددين لكِلَا الطرفين.

 

كيف يمكن اختيار إستراتيجية التفاوض المناسبة؟

يعتبر هذا السؤال أحد الأسئلة الهامة التي تواجه المفاوض بالرغم من معرفته بالاستراتيجيات المختلفة للتفاوض.

وهذه الاستراتيجيات ما تنطوي عليه من تكتيكات تعتبر تصرفات بديلة تستوجب الاختيار بينها للوصول إلى الإستراتيجية  ( الاستراتيجيات)  المناسبة.

وفي الواقع فإن هناك عدة عوامل يجب دراستها بعناية وأخذها في الاعتبار عند المفاضلة، الاختيار بين هذه الاستراتيجيات التفاوضية التي من أهمها ما يلي:

  • مدونة علوم الإعلام والاتصالنوع طبيعة، القضية / مسألة التفاوض.
  • نوع الأهداف التي يسعى إلى تحقيقها المفاوض.
  • حاجة المفاوض لعملية التفاوض.
  • توقعات الأطراف ذات الاهتمام بداخل المنظمة.
  • توقعات الطرف الآخر.
  • مراكز القوة النسبية لأطراف التفاوض.
  • المهارات التي تتوفر في فريق التفاوض.
  • الوقت المتاح لعملية التفاوض.
  • الاستجابة المتوقعة للطرف الآخر أثناء عملية التفاوض.
  • أهمية التوصل إلى اتفاق.
  • أهمية استمرار العلاقة بين أطراف التفاوض.
  • خصائص شخصية الطرف الآخر في عملية التفاوض.
  • الخبرات السابقة للطرف الآخر في عمليات  التفاوض.
  • الظروف البيئية المحيطة بالتفاوض(قيود خارجية).

 

 

المراجع:

  • عبد الرحمن إدريس ثابت، التفاوض استراتيجيات تكتيكات، الإسكندرية، الدار الجامعية، 2005.
  •  ماهر أحمد، مهارات التفاوض، الإسكندرية، الدار الجامعية.
  •  غريب غريب، الاتصال والعلاقات العامة في المجتمع المعاصر، الإسكندرية، شباب الجامعة، 1996
  •  منلا محمد رياض، إدارة العلاقات العامة، جامعة حلب، 2008.
  •  صالح خليل، العلاقات العامة والاتصال الإنساني، عمان، 1998.
  •  ثابت عبد الرحمن إدريس، التفاوض استراتيجيات تكتيكات، الإسكندرية، الدار الجامعية، 2005.
  •  أحمد ماهر، مهارات التفاوض،الإسكندرية، الدار الجامعية.

 المصدر/ طارق الحكواتي، باسم شنو، موظفي العلاقات العامة، جامعة دمشق، 2010.

تعليقات

التنقل السريع