القائمة الرئيسية

الصفحات

مدونة علوم الإعلام والاتصال

 



العلم

 يصعب إيجاد تعريف متفق عليه للعلم لعدة أسباب، تتصل في مجملها بشروط صحة التعريف من الناحية المنطقية، وذلك راجع للاختلاف، المواضيع التي يدرسها علم من العلوم، فمثلاً بعض المواضيع قابلة للقياس كعلم الفيزياء والكيمياء بحيث يمكن إجراء التجربة عليها، وبعض آخر من العلوم معياري، كعلم الأخلاق الذي يبحث في ما يجب أن يكون، وليس فيما هو كائن.

تعريف العلم

لغة/ العلم هو معرفة الأمر معرفة جيدة، أو هو معرفة إحدى التقنيات أو المقدرة على إتقان فن من الفنون.

اصطلاحًا: العلم هو مجموع المعارف الوضعية في اختصاص معين ومؤكد بطريقة عقلية.


أهمية العلم

  • العلم عامل من عوامل تقدم الفنون والصناعات.
  • العلم يطور معارف الإنسان القديمة، والبسيطةويدخل عليها وسائل تعبير جديدة.
  • يقدم حلولا لمختلف المشكلات السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
  • يساعد الأفراد والدول ومختلف الجماعات الإنسانية على حسن التنبؤ والتخطيط لمجابهة الأخطار المتوقعة.


مميزات العلم

يهدف العلم إلى البحث عن العلاقات الإرتباطية بين مختلف الظواهر، ومن بين هذه المميزات ما يلي:

1/ الموضوعية: ويقصد بها التزام الباحث بالاعتماد على مقاييس علمية دقيقة، في دراسته فالنتيجة لابد أن تكون منطقية ومنسجمة مع الواقع.

2/ الاعتماد على معايير ومقاييس معينة: بمعنى يجب احترام جميع القواعد والشروط العلمية المطلوبة لدراسة كل موضوع، وكذا وجوب استكمال هذه الشروط، لأنّ عدم استكمالها يحول دون حصول الباحث على نتائج علمية مقبولة.

3/ استخدام منهج مناسب للموضوع استخدامًا صارمًا: وهذا يتطلب استخدام المنهج المناسب في دراسة أي ظاهرة وكذا محاولة تطبيقه بطريقة علمية دقيقة.

4/ التقيد بالروح العلمية (الانفتاح العقلي): إنّ الباحث المتمسك بالروح العلمية والمتطلع لمعرفة الحقيقة يكون دائما غير متزمت برأيه ويكون دهنه متفتحا على كل تغيير في النتائج.

5/ الاعتماد على الأدلة والابتعاد عن الأحكام المرتجلة: من المميزات الأساسية للعلم التي ينبغي على كل باحث أن يعطيها قيمتها الحقيقية وهي توفير البراهين التي تثبت صحة النظريات، إذ لابد من الاعتماد على أدلة كافية قبل إصدار أي حكم على أية نتيجة.

وظائف العلم

 يهدف العلم إلى زيادة قدرة الإنسان على تفسير الأحداث بهدف التكيف مع جميع الأوضاع ويمكننا عرض هذه الوظائف كما يلي:

  • الكشف والتفسير: هدف العلم ووظيفته هو الكشف عن القوانينالعلمية المنظمة للظواهر والأحداث المترابطة والمتناسقة وكذلك اكتشاف القواعد والمبادئ الخاصة بهذه الظواهر.
  • الضبط والتحكم: من الوظائف والأهداف الأساسية للعلم، الضبط والتحكم في الظواهر والأحداث والسيطرة عليها، وتوجيهها لصالح الإنسانية.
  • التنبؤ: ويقصد بالتنبؤ، توقع الأحداث في المستقبل، وفقًا لشروط معيينة لأن حاجة الإنسانية إلى معرفة ما سيكون في المستقبل ضروري وإلزامي بهدف الاستعداد له ومجابهته وتوفير جميع الأدوات المناسبة لتحقيق ذلك.

خلاصة/ نخلص مما سبق أن العلم هو فرع من فروع المعرفة، أي أن المعرفة أشمل من العلم لأنها تنطوي على كل المعارف، وتنطوي على كل المعلومات التي اكتسبها الإنسان عن طريق تطبيق الأسلوب العلمي أو عن طريق التجارب والاحتكاك بالآخرين، بينما يقتصر العلم على دراسة موضوعات وحقائق محددة كالتالي:

  • للعلم مجالاً محددًا يبحث فيه.
  • يتبع العلم أساليب ومناهج موثوق بها لاكتساب المعرفة.


العلاقات الارتباطية بين العلوم الإنسانية والاجتماعية وعلاقة التاريخ بهذه العلوم

يستفيد المؤرخ من علوم مساعدة كثيرة قريبة من التاريخ، مثل العلوم الإنسانية والعلوم الاجتماعية ولهذين العلمين أوجه اختلاف وأوجه تشابه.

فأوجه الاختلاف تكمن في أن العلوم الإنسانية تميل إلى معالجة الماضي في حد ذاته، كما أنها تهتم بالإنسان وبنمط التطور البشري، بينما نجد العلوم الاجتماعية تميل إلى دراسة الحاضر والمستقبل، وبذلك فهي تسعى نحو التنبؤ بالأحداث والوقائع الاجتماعية وهذا أمر لا يتوفر للعالم الإنساني.

أما عن أوجه التشابه فإنها تكمن في أن هذين العلمين كلاهما يهتم بالإنسان، من حيث أنه كائن اجتماعي، له خاصيتي الفطنة والذكاء وكذا الإرادة، كما أن كل علم من هذه العلوم يسعى إلى التعميم، والمؤرخ لا يستطيع أن ينكر مهمته الأصلية: البحث في الماضي الإنساني، وبذلك فهو يدخل علم التاريخ في نطاق العلوم الإنسانية، كما أن التاريخ يدخل كذلك في نطاق العلوم الاجتماعية كون عملية التأريخ الحديثة أصبحت بدورها تهتم كثيرا بتشجيع الخصائص والسمات المهمة لهذا الماضي والخروج منها بقواعد أساسية، وبقوانين مقبولة تمكن أن تتنبأ بالمستقبل ومن ثم فإن المؤرخ هو عالم إنساني ينبغي أن يهتم بالماضي، كما أنه عالم اجتماعي عليه أن يقنن الأحداث ليرى من خلالها الحاضر وتستشرف المستقبل.


علاقة التاريخ بسائر العلوم الاجتماعية

1/ التاريخ وعلم الاجتماع

يلعب التاريخ دورًا مهمًا في علم الاجتماع، فعلم الاجتماع لا يستطيع أن يفسر أية ظاهرة اجتماعية إلا بالبحث في أصولها وجذورها التاريخية كما أنه لا يستطيع معالجة أي مشكلة اجتماعية إلا في إطار منظورها التأريخي بمعنى ماضي المشكلة وجذورها، فمثلاً ظاهرتي الزواج والطلاق لا يمكن لعالم الاجتماع دراستها بمنأى عن دراسة  متابعة تاريخ الأسرة عامة من حيث دراسة تاريخ الطبقات الاجتماعية التي تنتمي إليها أسر تفضل الزواج مبكرا، أو تعدد الزوجات ..

كما أن لعلم الاجتماع من جهته كذلك، علاقة مؤثرة في التاريخ ويتجلى ذلك خاصة من خلال عدة حقائق عديدة فمثلا: تلعب القيم الاجتماعية دورا هاما في الحركة التاريخية، فالمؤرخ مطالب بأن يعرف أهم هذه القيم التي تسود في المجتمع المبحوث فيه وتأثيرها في سلوك أفراد ذلك المجتمع، فقيم أهل الجنوب تختلف عن قيم أهل الشمال كما أن القيم التي تسود في مجتمع زراعي تختلف عن تلك القيم التي تسود في مجتمع صناعي.

كما أن المؤرخ يجب أن يكون مضطلع بشؤون المجموعات أو الطبقات البشرية التي يبحث في تاريخها، فكل مجموعة أو طبقة لها تقاليدها الخاصة، فمعرفة الطبقات الإنسانية بخصائصها وأنظمة حكمهاالتي تفرزها وجب المؤرخ معرفتها والاهتمام بها لأنها تفسر له الكثير من الحوادث التاريخية.

2/ التاريخ وعلم النفس الاجتماعي

قديما كانت العلاقة بين التاريخ وعلم النفس شبه منعدمة لأن علم النفس كان يعالج موضوعات لا تعني المؤرخين كثيرا، وبعد ذلك رأى بعض المؤرخين أنه بالإمكان الاعتماد على الدراسات النفسية في ظواهر تاريخية كثيرة، وذلك من خلال فروعه كالمدرسة السلوكية ومدرسة التحليل النفسي، حيث يسعى المؤرخين الذين يهتمون بالدراسات النفسية إلى الاستعانة بهذه الفروع في تفسير بعض الأحداث التاريخية، فيرون مثلا أن بعض الزعامات السياسية لابد أن تخضع أعمالها لتحليل نفسي حيث يمكن فهم الدوافع وراء القرارات التاريخية التي اتخذتها، كما أن تصرفات الشعوب بشأن الأنظمة المسلطة عليهم كالمشاركة في الديمقراطية أو رفض واقع اجتماعي أو اقتصادي معين مرهون بمدى فهم دوافع واتجاهات هذه الشعوب من طرف المؤرخ.

3/ التاريخ والعلوم السياسية

إن علاقة التاريخ بالعلوم السياسية قديمة، لأن المهتمين بالتاريخ كانوا دائما في حاجة للإطلاع على المجريات السياسية وذلك من أجل الاستعانة بها في دراستهم، كما أن المهتمين كذلك بالعلوم السياسية في حاجة إلى معرفة الأصول التاريخية للمشكلات السياسية التي يواجهونها، ويسعون لمعالجتها وخاصة تلك المتعلقة بالقرارات السياسية، حيث يقوم هؤلاء بدراسة وتحليل تاريخ تلك المؤسسات، تنفيذية كانت كالوزارة، تشريعية كالبرلمان، أو جماهيرية كالنقابات والأحزاب، ولا يستطيع كذلك المؤرخ بدوره أن يتجاهل معطيات المشتغلين بالعلوم السياسية، لأن تلك الدراسات تفيد المؤرخ كثيرا، لذلك نصادف ذلك التداخل والتعاون بين علماء سياسيين ومؤرخين وذلك من خلال إصدار دراسات مشتركة بينهما ذات طبيعة تاريخية سياسية، فمثلا عند دراسة مؤسس البرلمان يقوم المؤرخ بتتبع تاريخ المجالس التي تتكون منها المؤسسة التشريعية، من حيث تركيبة نوابها ، ظروف نشأتها وكذا علاقتها بالمؤسسات الأخرى.

4/ التاريخ والعلوم الاقتصادية

لا نستطيع دراسة الحركة التاريخية وظواهرها المختلفة بمنأى عن التطورات الاقتصادية، وما يتولد عنها من معطيات اجتماعية، وخاصة في القرن العشرين، بعد نجاح التجربة الاشتراكية في الاتحاد السوفياتي وغيرها، وهو ما عرف آنذاك بكتابة التاريخ العلمي الذي انتشر بين فئات واسعة من المؤرخين والمنظرين.

ولهذا فقد أصبح كذلك التاريخ بدوره من جهة أخرى مهمًا، وضروريا للدراسات الاقتصادية، إذ لا يمكننا فهم أي ظاهرة أو نظرية اقتصادية، سياسية، فكرية أو اجتماعية .. الخ، فلا يمكننا مثلاً فهم الأساس الذي قام عليه المذهب التجاري وبحركة الكشوفات الجغرافية ونمو الطبقة البرجوازية إلا بدراسة تاريخها، كما أنه لا يمكننا دراسة مراحل الإنتاج الاقتصادية للمجتمعات البشرية إلا بمعرفة مراحلها التاريخية.

خلاصة/ إن الإلمام بمختلف هذه العلوم الاجتماعية مهمة بالنسبة للمؤرخ، وتفيده في دراسة التاريخ وتفسير أحداثه وظواهره، كعلم الأوبئة Epidémiologie والعظام Ostéologie والوراثة والمناخ والإحصاء والديمغرافيا .. الخ.

إضافة إلى اطلاعه كذلك علة مختلف أعمال مخابر التشريح، أو في ضبط تواريخ وأعمار الكنوز والمواد التاريخية، لأنها تساعده على فك الكثير من الألغاز، وكذا الإجابة عن الكثير من التساؤلات التي يهتم بها المؤرخون.

وبناءً على ما تم التطرق إليه يمكننا أن نخلص إلى نتيجة هامة مفادها: أن جميع العلوم الإنسانية والاجتماعية مترابطة فيما بينها، فكل علم من هذه العلوم يكمل الآخر، لأننا لا نستطيع دراسة الظواهر والأحداث الاجتماعية بمنأى عن الانسان الذي يعتبر محور المواضيع في العلوم الإنسانية والاجتماعية. 


المداخل المنهجية في العلوم الاجتماعية

تعريفها: هي تصورات منهجية لرؤية الواقع الاجتماعي وتحليل أنظمته وظواهره من جهة نظر معينة.

وعليه فإن المدخل المنهجي يمثل الرابطة المحورية بين المبادئ والأسس المنطقية للمعالم المنهجية، وبين اختيارات الباحث للمنهج الذي يعتمد عليه عند تناوله للظاهرة بجميع قواعده وإجراءاته المنهجية.
إن المدخل المنهجي عبارة عن نموذج تصوري للكون والتاريخ والإنسان، وبناء منهجي لتحليل هذا المجتمع وتفسير ظواهره، في ضوء افتراضات ذلك النموذج التصوري.

1/ المدخل المنهجي الوضعي:


وهو اتجاه فكري يرى أن الدراسة العلمية للظواهر تقوم على أساس حسي واقعي، ويعتبر كونت ممثل بارز لهذا المدخل، حيث استخدم هذا المصطلح للإشارة إلى نسق فلسفي يعني الاعتماد على الواقع والخبرة، مما جعله يرفض كل الفلسفات التي اعتمدت على تحليلات دينية أو ميتافيزيقية، بمعنى أن الوضعية ترفض قوى ما فوق الطبيعة وكذا جميع المبادئ التأملية والمجردة.

واعتقد كونت أن الوضعية ينبغي أن تكون دينًا بالمعنى الحرفي يحل محل الكنائس، وهو ما أكده كذلك سان سيمون عندما قال: " عندما تصبح كل أجزاء معارفنا قائمة على أساس الملاحظة، فإن إدارة الشؤون الروحية يجب أن تستند إلى القدرة العلمية باعتبارها متفوقة على اللاهوتية والميتافيزيقية".

فسان سيمون هو الذي وضع جذور الوضعية لكن كونت جعل الوضعية نظرية متكاملة، تستوعب كل التراث الإنساني في ماضيه وحاضره، بحيث جعل منها منطلقًا في التحليل يشمل كل العلوم الطبيعية والاجتماعية.

* الأسس المنهجية للوضعية:


يقول سيمون: إن أكبر وسيلة لتقدم العلم هو جعل العالم في إطار التجربة، ولا نقصد العالم الكبير وإنما هذا العالم الصغير، يعني الإنسان الذي نستطيع إخضاعه للتجربة، ومن بين الأسس نجد: 

  • الواقعية وهي الخاصية التي تميزت بها الوضعية واستعملتها كسلاح إيديولوجي ضد الفكر غير الواقعي أو الميتافيزيقي.
  • اعتماد العالم الطبيعي هو الإطار المرجعي للعلوم الاجتماعية والإنسانية (المناهج والموضوعية).
  • إخضاع الظواهر الاجتماعية للتجريب.

* المراحل التاريخية التي مر بها الفكر الإنساني:


لقد اعتمد أوغست كونت على المنهج التاريخي في دراسته لمراحل التفكير ومراحل تطور المجتمع الإنساني وهذه المراحل رتبها كالآتي:

  1. المرحلة الدينية (اللاهوتية): التي تفسر الظواهر الاجتماعية بقوى خارجية عنها، حيث يستخدمون الناس فيها التفسيرات العاطفية والشخصية لتبرير تصرفاتهم وحياتهم، ويعتقدون بأن هناك قوى عليا تسير حياتهم الاجتماعية وهذه القوى العليا هي الرب والروح والشياطين التي تخطط لتقدم المجتمع.
  2. المرحلة الميتافيزيقية (ما وراء الطبيعة): التي تفسر الظواهر الإنسانية والاجتماعية من خلال معاني وأفكار مجردة، وعلل لا يمكن إثباتها.
  3. المرحلة الوضعية (مرحلة الفهم العلمي): وهي أرقى المراحل، حيث يفسر الإنسان الظواهر الاجتماعية بشكل تجريبي علمي يخضع للملاحظة وطبقًا للقوانين التي تحكم هذه الظواهر.

2/ المنهج الماركسي:

يقوم التصور الماركسي في نظرته للمجتمع من حيث تطوره وتغيره على أساس مادي، فالبناء الاقتصادي هو الأساس الذي نستطيع من خلاله تفسير كافة النظم وأشكال التنظيمات، وطبيعة العلاقات الاجتماعية بمعنى أننا لا نستطيع تفسير وفهم مختلف الظواهر الاجتماعية خارج البناء الاقتصادي.

ويرى ماركس أن المجتمع مهما كانت مرحلته فإنه يعتمد على الأساس الاقتصادي، أي على نمط أو أسلوب الإنتاج الذي ينقسم بدوره إلى مكونين أساسيين هما:

* قوى الإنتاج: التي تعني مجموع الطاقات المادية والبشرية التي تتوظف في العملية الإنتاجية كوسائل العمل وأدوات الإنتاج، (الآلات، الأجهزة، والمباني ..) إضافة إلى الطاقة البشرية.

*علاقات الإنتاج: التي تعني الارتباطات الأساسية التي يشغلها الناس مع بعضهم من أجل تنفيذ النشاط الاقتصادي (ملكية الإنتاج، التفاعل بين الطبقات ..) وخلال هذه العملية الإنتاجية يقيم الناس فيما بينهم بعض العلاقات الضرورية وهي "علاقات الإنتاج" التي يتبلور حولها البناء الاقتصادي للمجتمع الذي يتألف من تركيبتين هما:

  • بناء فوقي (أعلى): الأفكار، المبادئ، النظم السياسية والقانون والدين والفلسفة والآداب.
  • بناء تحتي (أسفل): العوامل الاقتصادية، الموارد الطبيعية والبشرية، وسائل الإنتاج، المباني ..الخ.

ومن خلال هذه النظرة استطاع ماركس أن يقسم المجتمع الرأسمالي إلى قسمين رئيسيين:

الأول مالك للإنتاج ووسائله والقسم الثاني فاقد لهذه الوسائل وبالتالي يحدث بين هذين الطبقتين صراع، هذا الصراع ناتج عن عدم تكافؤ المصادر الاقتصادية داخل المجتمع بحيث يولد طبقة اجتماعية مالكة للمصادر الاقتصادية، وتصبح طبقة حاكمة، وتجعل طبقة أخرى فاقدة لهذه المصادر وهي الأغلبية، لهذا يكون الصراع هنا بين الطبقات الاجتماعية والناتج أصلاً عن العلاقات الاجتماعية وبالتالي يؤدي إلى إحداث التغير الاجتماعي.

خلاصة/ إن الحقائق التاريخية لا تؤيد هذه المزاعم لماركس، فرغم أن الصراع من الظواهر المسلم بها في كافة المجتمعات إلا أننا لا يمكن التسليم بأن الصراع النابع من علاقات الإنتاج هو العملية المفضية إلى التغير الاجتماعي، ويرى البعض أن هذا التفسير الماركسي لا يطابق الواقع الذي تحدث فيه ولا ينسجم معه.

3/ المنهج الإسلامي: 

وهو تصور اعتقادي يأخذ من العقيدة الإسلامية منطلقًا ومرجعًا لتحليل السلوك الإنساني ومختلف أوجه الحياة الاجتماعية وعلى ضوء هذا المبدأ (العقيدة الإسلامية) يفسر مختلف الظواهر الاجتماعية بمعنى أنه يجب حضور العقل الإسلامي في تفسير وتحليل الأفكار والقضايا الاجتماعية، من مشكلات وقضايا إنسانية عامة.

يقوم المنهج الإسلامي على الحقائق التالية:

  • أن الإنسان بفطرته لابد له من عقيدة تفسر ما يدور حوله حتى يمكن استقراره في هذا الكون.
  • هناك تلازم وثيق بين طبيعة التصور الاعتقادي وطبيعة النظام الاجتماعي بحيث أن هذا الأخير هو نوع من التفسير الشامل للوجود الإنساني في هذا الكون.
  • أن الشخصية الإنسانية واحدة في طبيعتها، ولا تكتمل هذه الشخصية إلا حين يكملها منهج موحد منبثق من أصل واحد هو الله خالقها.
ويشترك المنهج الإسلامي مع المناهج العلمية الحسية التي تخضع لمبدأ السلبية، ويكون البحث فيها لا يعدوا لأن يكون جهدًا فكريًا معمقًا لكشف هذا الواقع بل يقتضي إتباع منهج المشاهدة والتجربة واستخدام العقل في تحصيل المعرفة بمعنى أن المنهج الإسلامي يتبع في دراساته المناهج الحسية التي تعتمد على المشاهدة والتجربة واستخدام العقل في كشف ورصد الظواهر الاجتماعية.

المعرفة والعلم عند علماء المسلمين


لقد فرض طلب العلم على المسلمين في القرآن الكريم وبالتحديد في أول آية قرآنية من سورة العلق في قوله تعالى: "اقرأ باسم ربك" إضافةً إلى ورود كلمة عقل في القرآن الكريم 49 مرة، وبهذا فقد أدت مقاصد التشريع الإسلامي بما لا يدع مجالاً للشك أن أحكام التشريع وأصوله لا تتناقض ولا تتنافى وأصول العقل الإنساني وفي هذا الصدد نجد (جاك بيرك) يقول: لقد تبين لي بوضوح عقلانية القرآن.

إن الإسلام يهدف إلى إحداث التغيير الاجتماعي والارتقاء المستمر بالمجموعة البشرية نحو كماليتها الإنسانية، لذلك نجد صلة نظرية وثيقة بين الإسلام وبين الأفراد، لأنه جاء لهدايتهم وتوجيههم وإخضاع الجماعات البشرية ككل إلى نظام واحد.

وهذا ما جعل المسلمين يوجهون نشاطهم الفكري إلى ميادين علمية مختلفة، ويتجلى ذلك واضحًا من خلال مختلف الحضارات والثقافات التي استطاعوا أن يستوعبوها بفضل ترجمة العلوم ونقلها وأن يستفيدوا منها، فساهموا في إثراء المعرفة الإنسانية وتركوا بصمات واضحة على معالم الحضارة الإنسانية لا يمكن تجاهلها.

(خريبش زهير، مناهج ومدارس البحث، كلية العلوم الإجتماعية والعلوم الإنسانية، جامعة 20 أوت 1955 سكيكدة، سنة أولى اتصال وعلاقات عامة، 2014).

تعليقات

التنقل السريع