تمهيد/
يعتبر ميدان العلاقات العامة من الميادين المعاصرة التي ظهرت في صورتها الجديدة مع بدايات القرن 20 على الرغم من قدمها ورجوع تاريخها إلى العصور الغابرة ومع تطور الزمن واتساع رقعة نشاطات وتطور المجتمع ظهرت الأنشطة المنجزة في أطر تنظيمية كالمؤسسات والهيئات والمنظمات على اختلاف أنواعها ومجالاتها، من هنا ظهرت الحاجة إلى الاهتمام بالعلاقات العامة كوظيفة جوهرية في مختلف جوانب الحياة المهنية، من هذا المنطلق سوف نسلط الضوء على العلاقات العامة والبحث في مفهومها ومختلف جوانبها وصولاً إلى التخطيط لها وتنظيمها لنصل في الأخير إلى غايتها.
ماهية العلاقات العامة
كلمة "علاقات": "تعني حصيلة الاتصالات التي تتوافر بين هيئة الجماهير المتعامل معها ".
أما كلمة "عامة": فيقصد بها جماهيرية أي مجموعة الجماهير المختلفة التي يتصل عملها أو ترتبط مصالحها ونشاطها بالبيئة".
وينبغي الإشارة إلى أن هناك عبارات قد سبقت استخدام مصطلح العلاقات العامة، ومنها مستشار النشر، خبير النشر، ومدير النشر، بينما تم استخدام المصطلح لأول مرة في التاريخ سنة 1882 من طرف درمان إيتون.
تعريف (ايفي لي) أبو العلاقات العامة يرى أنها: "تفسير الشركة للجمهور وتفسير الجمهور للشركة".
تعريف ادوارد بيرنيز: وهو من كبار خبراء العلاقات العامة ومستشاريها يرى أن العلاقات العامة "إعلام، إقناع الجماهير بسياسة المؤسسة والعكس".
تعريف قاموس ويستر: العلاقات العامة هي مجموعة من النشاطات تقوم بها هيئة أو حكومة أو أي تنظيم في البناء الاجتماعي من أجل علاقات جيدة وطيبة مع الجماهير.
تعريف القاموس العالمي الجديد "لويستر": العلاقات العامة هي ترويج الاتصال والثقة بين شخص أو مشروع أو هيئة وذلك من خلال المعلومات التي تشرح وتفسر وتوضح العلاقة.
تعريف الموسوعة الإعلامية: العلاقات العامة هي النشاط الذي يختص بعلاقة المنظمة بجمهورها المختلف.
تعريف معجم مصطلحات الإعلام: العلاقات العامة هي عملية الاتصال بين المنظمات والجمهور والنشاط الذي يقوم بتفسير وشرح كل منهما من الآخر.
تعريف موسوعة المعارف الأمريكية: من الناحية التطبيقية (التنفيذية) العلاقات العامة علم وفن يهتم بالعلاقة بين المنظمة وجماهيرها الداخلية والخارجية ..
تعريف جمعية العلاقات العامة الأمريكية: العلاقات العامة هي نشاط أي صناعة أو هيئة أو اتحاد أو مهنة أو حكومة أو مؤسسة أخرى في بناء وتدعيم علاقات سليمة منتجة (مؤدية للغرض) بينها وبين فئة الجمهور.
تعريف معهد العلاقات العامة البريطاني: العلاقات العامة هي جهود مبدولة، مخططة، منظمة، موجهة من أجل إقامة فهم وتعاون مشترك بين المنظمة وجمهورها.
تعريف دائرة المعارف الأمريكية: العلاقات العامة هي مظاهر النشاط التي تتصل بتفسير وتحسين العلاقة بين المنظمة وجمهور له ارتباط بها.
تعريف الجمعية المهنية الأوروبية للعلاقات العامة: وظيفة أو نشاط مؤسسة عامة أو خاصة تهدف إلى تعزيز علاقات الثقة والتفاهم مع الجماعات أو ما يعرف بالجمهور.
تعريف بول غاريت: مسؤول العلاقات العامة في شركة "جنرال موثورز" هي الجهود المستمرة من جانب الإدارة لكسب ثقة الجمهور من خلال الأعمال التي تحظى باحترامه.
تعريف كوتلر: أبو الوظيفة التسويقية: العلاقات العامة محفز غير شخصي يستعمل لصالح منتج، خدمة، مؤسسة، بفضل المعلومات المنشورة في الصحافة، الإذاعة، والتلفزيون.
تعرفها الجمعية المهنية الأوروبية بأنها: "وظيفة أو نشاط مؤسستي عام أو خاص، يهدف إلى توفير وتحسين العلاقات والثقة والتفاهم مع الجماعات، أو ما يعرف بالجمهور وسواء كانت داخل أو خارج المؤسسة فإن هذا الأخير هو الذي يحدد كيانها وتطورها.
تعريف ابراهيم إمام: هي فن معاملة الناس وكسب ثقتهم ومحبتهم وتأييدهم ومعنى ذلك ببساطة هو كسب رضا الناس بحسن المعاملة الصادرة عن صدق وإيمان بقيمة الإنسان والمجتمع.
وهناك الكثير من التعريفات للعلاقات العامة، على أن يعرفها الأستاذ "فيصل بوراس" على أنها العلم والفن والوظيفة الإدارية والتنظيمية التي تهتم بالمعاملة الحسنة وكسب تأييد الجماهير الداخلية والخارجية للمؤسسة وبناء وإعادة بناء الصورة الذهنية بالمؤسسة.
تعريف موسوعة علوم الإعلام والاتصال: مجموع النشاطات الإتصالية الخاصة بمنظمة ما، تهدف إلى التعريف بنشاطاتها ومنجزاتها لتحسين صورتها الذهنية تجاه مختلف الجماهير الداخلية، المتمثلة في جمهورها الداخلي كأول جمهور للمؤسسة، باعتباره جمهور المؤسسة الأول والعامل الأساسي الذي يعكس صورة المؤسسة، والجمهور الخارجي المتمثل في ممثلي الإدارات والهيئات، وممثلي النقابات العمالية والجماعات المتعلقة بالمؤسسة والمستهلكين الحاليين والمحتملين.
تعريف "ركس هارلو" العلاقات العامة: هي علم وفن يستند إلى أسس علم الإجتماع الإنساني، ويسعى إلى تحسين العلاقات بين الناس لا في حياتهم الخاصة، وإنما في حياتهم الجماعية.
وبعد هذه التعريفات التي تعكس مختلف المضامين العلمية ورؤيتها للعلاقات العامة كعلم منفصل بذاته يمكن القول أن العلاقات العامة تقوم بعملية الاتصال بين المنظمات والجمهور وتشرح وتفسر كل منهما للآخر حتى يمكن لهذه المنظمات النجاح في كسب ثقة الجمهور وفهمه وتأييده، أي العلاقات العامة تعمل على إيجاد صلات ودية تقوم على أساس الفهم المتبادل.
العوامل المساعدة على ظهور العلاقات العامة
1. النمو الديمغرافي وزيادة تنوع الحاجات.
2. اتساع رقعة المؤسسة مما أدى إلى زيادة حجم العمال والموظفين والمتعاملين الخارجين "الجماهير" وضعف الاتصال بهم مما حتم على المؤسسة استحداث بعض الوظائف منها العلاقات العامة.
3. زيادة الحاجات وظهور المنافسة.
4. ظهور وسائل الإعلام أتاح للمؤسسة فرصة الظهور للجماهير ولهذا استحدثت المؤسسات وظيفة العلاقات العامة لتمثلها.
5. ظهور أساليب إتصالية إقناعية مما ساعد على ظهور وسائل الإعلام وخاصة الجماهيرية.
6. الثورة الصناعية.
7. الأزمات.
8. النظام الديمقراطي وهو نوع من الأنظمة السياسية التي تسمح للشعب باتخاذ القرار ممثلا في الأحزاب وظهر بالتزامن مع العلاقات العامة في عشرينيات القرن 20.
9. ظهور النقابات العمالية فأصبح من الضروري التعامل مع العمال لتحسين الصورة الذهنية للمؤسسة لهم.
10. ظهور تخصصات العلاقات العامة في الجامعات.
11. ظهور العلاقات الاعتمادية.
أسباب الاهتمام بالعلاقات العامة
هناك العديد من الأسباب والعوامل التي أسهمت في زيادة الحاجة لمهنة العلاقات العامة، مما أسهم في تطورها لعلم أصبح يدرس في الجامعات والمعاهد منذ أوائل القرن العشرين، ومن العوامل والأسباب التي أسهمت في الوصول بالعلاقات العامة لتصبح مهنة متخصصة:
· توسع وتعقد أعمال المؤسسات المختلفة والتي تضم أعدادًا كبيرة من المتعاملين معها.
· تقدم العلوم المتسارع في مختلف الميادين.
· تنوع وتشابك العلاقات بين الأفراد والجماعات.
· سهولة وسرعة الانتقال بالنسبة للأشخاص والأفكار نتيجة توافر وسائل النقل.
· انتشار التعليم فبزيادة أعداد المتعلمين تزداد الحاجة إلى نشر المعلومات والحقائق وممارسة.
· نشاط العلاقات العامة.
· زيادة قوة الفرد وأهميته في المجتمع الحديث، فالشركات والحكومات تسعى دائمًا إلى كسب الفرد والحصول على تأييده.
· نمو العلوم الإنسانية التي تتناول الفرد والدوافع وراء سلوكه وتصرفاته.
العوامل المساعدة على ظهور العلاقات العامة
ساعدت تحقيق العديد من العوامل في الإهتمام بالعلاقات العامة كوظيفة إدارية متخصصة تنال إهتمام الإدارة العليا في معظم المؤسسات والمنظمات وتتمثل هذه العوامل في:
الثورة الصناعية والإنتاج الكبير:
أدت الثورة الصناعية و ما صاحبها من مشاكل في العلاقات بين صاحب العمل و العمال إلى ظهور النظريات السياسية و الإجتماعية "الداعية لتنظيم علاقات الإنتاج" وفي مقدمتها البيان الشيوعي الذي أصدره ماركس و إنجلز سنة 1848 .
ومع إحتدام الصراع الشيوعي والرأسمالي بات من الضروري إستمالة الجماهير لمذهب معين.
ومن الناحية الأخرى أدى وجود الإنتاج الكبير إلى وجود هوة بين المنتج والمستهلك، وإشتراك مجموعات من الأفراد أو المنظمات لتسهيل توفر السلع لدى المستهلكين، وهذا ما نتج عنه تزايد أعداد جماهير المنظمات، وأهمية وجود علاقات تبني الثقة معهم من أجل إرضاء هذه الجماهير و تحقيق أهداف المنظمة في آن واحد.
زيادة حدة المنافسة:
لقد تم التغلب على مشكلة ندرة عوامل الإنتاج من خلال إتباع مبادئ الإدارة العلمية و تقسيم العمل، والتخصص، و بذلك فاق العرض الطلب، وتحول السوق من سوق بائعين إلى سوق مشترين.وهذا ما أدى إلى زياد حدة المنافسة بين الشركات. في محاولة منها لإرضاء المستهلكين وإشباع رغباتهم و وضعها في الإعتبار الأول.
تزايد الوعي من جانب جماهير الرأي العام:
ساهم انتشار الوعي وإنشاء الأنظمة الديمقراطية في زيادة إهتمام الحكومات بالتأثير في الرأي العام سواء محليا أو دوليا من خلال وسائل الإعلام المختلفة أو التنظيمات السياسية القائمة.
ووجهت البحوث إلى دراسة أساليب التأثير والإستمالة، وأنشأت وحدات متخصصة لتحليل الرأي العام والتعرف على آراء الأفراد في القضايا والمشكلات المثارة لوضعها في الإعتبار عند اتخاذ القرارات وعلى مستوى المنظمات ساهم إنتشار الوعي و التعليم إلى زيادة إحتياج الجمهور إلى المعلومات الوافية الخاصة بالمنتج.
تطور وسائل الإتصال:
"ساهم التقدم الهائل في وسائل الإتصال في تقريب المسافات حتى أصبح العالم من الناحية الإعلامية أصغر مما هو عليه نتيجة لسرعة تداول الأنباء وإنتقال المعلومات والآراء. و كان ذلك سببا من أسباب الإهتمام بالعلاقات العامة " فقد ساهم التقدم الهائل في وسائل الاتصال في تقريب المسافات بين بقاع العالم المختلفة، حتى أصبح العالم من الناحية الإعلامية أصغر مما هو عليه نتيجة لسرعة تناول الأنباء وانتقال المعلومات و الآراء، و كان دلك سببًا من أسباب الاهتمام بالعلاقات العامة في المجال الدولي،و الحرص على كسب تأييد الرأي العام العالمي، وفي نفس الوقت انعكس هدا الاهتمام مرة ثانية على المجال الداخلي سواء على مستوى المنظمات أو على مستوى المجتمع ككل.
فلسفة العلاقات العامة
العلاقات العامة متعددة بتعدد أوجه النشاط الإنساني، وتعدد الجماهير في المجتمع الإنساني، فهناك العلاقات العامة الحكومية، التجارية، الصناعية، العسكرية، والسياسية، كل هذه الأنواع والأقسام تجمعها فلسفة ومبادئ عامة واحدة، وتستند إلى أصول فنية واحدة، فالوسائل والأدوات واحدة، وتستند فلسفة العلاقات العامة على مجموعة من المبادئ والحقائق هي:
- الإنسان كائن اجتماعي بطبيعته، ولا يمكن أن يعيش بمعزل عن الآخرين.
- الإنسان كائن اجتماعي متفرد ومتغير من وقت لآخر.
- الإنسان كائن اجتماعي يتعامل مع غيره ومع المواقف الاجتماعية.
- الإنسان يتميز بالعقل والتعقل.
- ترتكز العلاقات العامة على الجانب الإنساني.
- ترتكز العلاقات العامة على ركائز اجتماعية.
- تستند العلاقات العامة إلى الجانب الأخلاقي.
- تستند العلاقات العامة إلى مبدأ التنظيم.
كُتب عن العلاقات العامة
المراجع:
* محمد محمود مهدلي، الإتصال في الخدمة الإجتماعية، المكتب الجامعي الحديث، الإسكندرية، 2005 ..
* فضيل دليو، إتصال المؤسسة (إشهار،علاقات عامة،علاقات مع الصحافة) ، دار الفجر للنشر والتوزيع، القاهرة ، 2003
* عاطف عدلي العبد عبيد، الإتصال والرأي العام، دار الفكر العربي ، القاهرة
* Bernard Lamizet, Ahmed Silem : Dictionnaire Encyclopédique des siences de -l’information et de communication , ellipses, Paris, 1997
* أحمد آمال أحمد، العلاقات العامة في المجالات الإجتماعية والإنسانية، مكتبة القاهرة، 1967
* السيد إبراهيم إمام، العلاقات العامة والمجتمع، ط 2، مكتبة الأنجلو مصرية، القاهرة، 1968
* إسماعيل مصطفى سالم، وجيه الدسوقي المرسي، العلاقات العامة في الخدمة الاجتماعية، القاهرة، المكتبة المفتوحة، 1995
* Hiebert Ray Eldon: Public Relations, London, 1 st ed, Lowa, 1966,
* المنجد الأبجدي، دار المشرق، بيروت، لبنان، الطبعة الخامسة، 1987
* محاضرات الأستاذ بوراس فيصل، مقياس العلاقات العامة، سنة أولى ماستر اتصال وعلاقات عامة، قسم علوم الإعلام والاتصال، جامعة 20 أوت 1955 سكيكدة.
* الدليمي، العلاقات العامة في التطبيق، . ط 1، دار جرير للنشر والتوزيع، عمان، 2005.
* عبد المحي محمود صالح و آخرون،العلاقات العامة والإعلام في الخدمة الاجتماعية، دار المعرفة الجامعية، مصر ، 2004
* أحمد محمد مصطفى، الخدمة الإجتماعية في مجال العلاقات العامة، دار المعرفة الجامعية، 1999
تعليقات
إرسال تعليق