التغيير التنظيمي داخل المنشأة ومدى مساهمة النسق الاتصالي في إنجاحه
مفهوم التغيير التنظيمي
لقد تعددت وتنوعت مفاهيم التغيير التنظيمي، فمن الباحثين من ركز على التكنولوجيا المستخدمة في تعريفه للتغيير، ومنهم من ركز علي المنظمة والبيئة التنظيمية والسلوك التنظيمي، ومنهم من ركز علي الاستراتيجيات والخطط وإجراءات وقواعد العمل بهدف التكيف وتحسين الأداء.
وللتعرف على المعنى الإصطلاحي للتغيير التنظيمي نعرض مجموعة من التعريفات كما يلي:
التعريف الأول: التغيير التنظيمي هو: "التحول من نقطة التوازن الحالية، إلى نقطة التوازن المستهدفة، وتعني الانتقال من حالة إلى أخرى في المكان والزمان".
التعريف الثاني: التغيير التنظيمي هو: "إحداث تعديلات في أهداف وسياسات الإدارة أو في أي عنصر آخر من عناصر العمل التنظيمي بهدف: ملائمة أوضاع التنظيم وأساليب عمل الإدارة وأنشطتها مع تغييرات وأوضاع جديدة في المناخ المحيط به، أو استحداث أوضـاع تنظيمية وأساليب إدارية وأوجه نشاط جديدة تحقق للتنظيم السبق على التنظيمات الأخرى".
التعريف الثالث: التغيير التنظيمي هو: "عملية مدروسة ومخططة لفترة زمنية طويلة عادة، وينصب علي الخطط والسياسات أو الهيكل التنظيمي أو السلوك التنظيمي أو الثقافة التنظيمية وتكنولوجيا الأداء، أو إجراءات وظروف العمل وغيرها، وذلك بغرض تحقيق المواءمة والتكـيف مع التغيرات في البيئة الداخلية والخارجية للبقاء والاستمـرار والتطور والتميز".
التعريف الرابع: التغيير التنظيمي هو: "استجابة ونتيجة طبيعية للتغيير الذي يحدث علي التنظيمات، والقدرة علي التكيف ولاستجابة وهو حالة لإيجاد التكيف والتوازن البيئي للتغييرات التي تحث في المناخ المـحيط".
التعريف الخامس: التغيير التنظيمي هو: " عملية تغيير ملموس في النمط السلوكي للعاملين وإحداث تغيير جذري في السلوك التنظيمي ليتوافق مع متطلبات مناخ وبيئة التنظيم الداخـلية والخارجية، وأن المحصلة النهائية لتـغيير سلوك الـتنظيم هي تطـويره وتنميته".
دواعي وأهداف التغيير التنظيمي
في ظل التحولات العميقة التي يشهدها الاقتصاد العالمي والذي وصف بأوصاف شتى اقتصاد المعرفة، الاقتصاد الرقمي ، اقتصاد المعلومات ...، والتي انعكست بوضوح على قطاع الأعمال ، لم يعد هناك مكان للتسيير التقليدي الذي يقوم على قرارات فردية يتخذها صاحب المنظمة (أو المدير)، حيث المعلومات كانت محدودة والأدوات والآليات متواضعة نسبيا والهياكل أقل بساطة ، فالأسواق اليوم أصبحت معولمة ، ودورات حياة المنتجات تقلصت، وظاهرة المنظمات العابرة للقارات تنامت (المنظمة الشبكة)، واتخاذ القرارات أصبح يعتمد أكثر فأكثر على الأنظمة الخبيرة ... إلى غير ذلك من التحولات، وهذا يجعل من التغيير لا مناص منه.
أولا- الحاجة إلي التغيير التنظيمي:
بصفة عامة الحاجة للتغيير في المنظمات خاصة العمومية منها، تظهر على الأقل لمواكبة الحركة الدائبة للتغييرات الاقتصادية وقوى المنافسة، فمن الضروري أن يتوافر لدى المنظمات الدافع الذاتي لإحداث التغيير، فإذا لم يعتقد أعضاءها بحتمية التغيير فلن يتوافر لديهم الالتزام بنتائجه، وبالتالي لن ينجح برنامج التغيير في تحقيق أهدافه.
وتكمن أهمية التغيير في كونه بات من أهم متطلبات التقدم والتطور لمنظمات اليوم، ولم يعد ينظر إليه كوسيلة تستخدمها بعض المؤسسات تبعا لظروف معينة، التي ما إن تمر حتى تعود كل الجهود المبذولة إلى حالة الركود والاستقرار، فما يمكن ملاحظته في الوقت الراهن من تنافس كبير بين المنظمات لتحقيق الاستقرار والنجاح، وهو ما أدى بها إلى حركة دائبة لا تهدأ مع التغيير والتطوير، لأن الصفة والسمة المشتركة بين المنظمات المعاصرة هي ضرورة التغيير والتطوير لمواكبة التغييرات المختلفة في محيطها الخارجي.
وتتولد الحاجة إلى التغيير التنظيمي نتيجة العوامل التالية:
- يمكن القول أن العولمة تؤسس لحكم شمولي يسود العالم في جميع ميادين الحياة ويساعدها على ذلك تفوقها التكنولوجي والمعلوماتي من خلال النمو المتسارع والانفجار الكمي والنوعي للمعلومات والمعرفة (The knowledge explosion) وظهور حدّة المنافسة على الإنتاجية والنوعية.
- زيادة حدة المنافسة الخارجية خاصة في ظل ما يطلق عليه بالعولمة وانفتاح الأسواق على بعضها وانضمام الكثير من الدول للمنظمة العالمية للتجارة (OMC).
- متطلبات الجودة الشاملة (TQM).
- زيادة القوة التي يتمتع بها العملاء والمستهلكون وسيادة عصر التوجه للعميل واحترام المستهلك والعمل على إرضاءه.
- التغير المستمر في رغبات وأذواق المستهلكين.
- الارتقاء بمستوى جودة الخدمة وزيادة رضا المستهلك.
- ارتفاع الأهمية النسبية لقطاعات الخدمات على حساب القطاعات الإنتاجية.
- متطلبات التجارة الدولية؛ حيث يقتضي العمل والتنافس في المجال الدولي فرصا ومشكلات عديدة، ويجب أن تكون لدى المؤسسات القدرة على التنافس والتكيف مع الفوارق الثقافية وأساليب الاتصال وأخلاقيات العمل وإجراءاته.
- التغيرات المستمرة في سوق القوى العاملة على جميع المستويات سواء من ناحية العدد (الكم)، أو التركيب النوعي للكفاءات وهذا نظرا للتغيير المستمر في هيكل ونظم التعليم والتنمية والتدريب.
ثانيا- أهداف التغيير التنظيمي:
لابد وأن يكون للتغيير المخطط والمدروس أهداف محددة يسعى إلى تحقيقها ، وبصفة عامة فإن أهداف التغيير تتلخص في الآتي:
- الارتفاع بمستوى الأداء وتحقيق مستوى عالي من الدافعية ودرجة عالية من التعاون، وأساليب أوضح للاتصال وخفض معدلات الغياب ودوران العمل والحد من الصراع وتحقيق التكاليف المنخفضة.
- إحياء الركود التنظيمي وتجنب التدهور في الأداء ، وتحسين الفعالية من خلال تعديل التركيبة التنظيمية.
- التخلص من البيروقراطية والفساد الإداري.
- خلق اتجاهات إيجابية نحو الوظيفة خاصة العمومية منها وتنمية الولاء لدى العاملين.
- تخفيض التكاليف من خلال الكفاءة وفعالية الأداء وحسن استخدام الموارد البشرية للآلات المتاحة، والموارد ، و الطاقة ، ورأس المال.
- زيادة قدرة المنظمة على الإبداع والتعلم.
- بناء محيط محابي للتغيير و التطوير والإبداع.
- تطوير قيادات قادرة على الإبداع وراغبة فيه.
- خلق اتجاهات إيجابية نحو الوظيفة العامة وتنمية الولاء لدى العاملين.
- تحسين الانطباع الذهني لدى الرأي العام عن المنظمة
- يجب أن يستند البرنامج على الافتراض بأن مستوى الفعالية التنظيمية والأداء الفردي يرتقيان بالقدر الذي يتيح تحقيق التكامل الأمثل بين الأهداف الفردية والأهداف التنظيمية
- زيادة مقدرة المنظمة على التعامل والتكيف مع البيئة المحيطة بها وتحسين قدراتها على البقاء والنمو.
ومنه يمكن القول أنه من المهم أن تطور كل منظمة قدرتها على التكيف مع البيئة بدافع التعامل معها ، وهذا ما يجعل من التغيير يتطلب إدارة خاصة في المنظمة لتطوير وتنمية حوافز عمالها ، وبالتالي تطوير وتنمية كفاءتها الكلية ، وهذا ما يسمى"بالمنظمة المتفاعلة".
مصادر وقوى التغيير التنظيمي
تظهر الحاجة للتغيير نتاج عوامل داخلية أو خارجية بالنسبة للمنظمة، فالعوامل الداخلية هي تلك تنطلق من احتمالات حدوث اضطرابات تنظيمية ، وتشمل تلك المعطيات المتمثلة في محاولات التغيير مثل تغيير الأهداف التنظيمية، وانخفاض الإنتاجية وارتفاع التكاليف، والمناخ التنظيمي غير المواتي، أما العوامل الخارجية فتشير إلى تلك القوى الموجودة في البيئة الخارجية للمنظمة والتي من شأنها أن تفاقم من عدم اليقين الذي ينبغي أن تواكبه المنظمة، وتشمل التغيير في المعرفة أو التقنية أو الفرص الاقتصادية والإطار الهيكلي للقوى السياسية، والاعتبارات البيئية، والعوامل الاديولوجية الثقافية.
ويمكن تقسيم القوى المرتبطة بالتغيير إلى قوى داخلية وأخرى خارجية.
أولا- القوى الخارجية للتغيير:
تعد القوى الخارجية أكثر تأثيرا في المنظمة من القوى الداخلية لاتساع مجالها وصعوبة التنبؤ بأبعادها، وذلك أمر طبيعي نظرا للمتغيرات المتسارعة في البيئة التي تعمل فيها المنظمات ، لذلك وجه الكتاب والباحثين اهتماما كبيرا لهذه القوى التي يصعب التحكم أو السيطرة عليها أو التنبؤ بها.
1/ البيئة الاقتصادية: زيادة حدة المنافسة الخارجية خاصة في ظل ما يطلق عليه بالعولمة وانفتاح الأسواق، وانضمام الكثير من الدول إلي المنظمة العالمية للتجارة (OMC)، كما أن هناك تغييرات في أسعار الفائدة الدولية وفي أسعار العملات التي يتم الاستيراد والتصدير من خلالها، تغير قواعد المنافسة ، فالانفتاح على الأسواق المتميزة بالحماية يفرض تغيرا إستراتيجيا وهيكليا وثقافيا كبيرا ، بالإضافة إلى سياسة خوصصة القطاعات وسياسة إدارة المشروعات على أسس تجارية.
هذه بعض التغييرات الاقتصادية العالمية التي أثرت بشكل أو بآخر في أساليب وأنماط الإدارة في المنظمات، وبالتالي دفعتها من الانتقال من المركزية والنظم البيروقراطية الساكنة التي تعمل بِرَدَةِ الفعل وطرق العمل النمطية إلى نظام أكثر مرونة يتناسب مع طبيعة التحولات الاقتصادية العالمية ، وبرزت الحاجة إلى ضرورة تنبي التغيير كخيار إستراتيجي.
2/ البيئة السياسية والقانونية: وهي القوى التي تتميز بزيادة تدخل الدولة في النشاط الاقتصادي والاجتماعي فالبيئة القانونية تكمن في تغير القوانين أو تعديلها إذْ أن هذه التشريعات تفرض قيودا أو تهيئ فرصا، مثل التغييرات في السياسة الحكومية المالية والنقدية، أو وجود تغييرات داخلية أو عالمية تؤثر علي الاتفاقيات الاقتصادية خاصة إذا كانت مع الدول التي تمثل أسواقا مستهدفة أو المصدرة لسلع منافسة للمنتجات المحلية. بالإضافة إلى ما تفعله بعض الحكومات من الانسحاب من بعض الأنشطة وتنظيم البعض الآخر ونتيجة لذلك تظهر فرص وتهديدات جديدة أمام المنظمات المتأثرة بهذا التحول مثل إصدار قوانين وتشريعات حكومية جديدة (قانون العمل قانون الضمان الاجتماعي، الضرائب، إلغاء بعض الأنشطة ...).
3/ البيئة التكنولوجية: وتمثل أهم مصدر لإحداث التغيير وخاصة في القرن الحالي ، حيث يبدو واضحا التطور العلمي المتسارع في جميع نواحي الحياة ، كما أحدث التطور التقني في الدول الصناعية تغييرا موازيا في هياكل قوى العامل بها حيث انتقلت من شكلها الهرمي التقليدي إلى منظمات العقول والمعرفة وليس منظمات الأعمال الروتينية ، وترتب على ذلك تغير في مناهج التدريب وتغير في معايير الأداء والوصول إلى الجودة الشاملة.
ومن أهم التغييرات التكنولوجية التي تدفع لإحداث التغيير التقدم في وسائل المواصلات والاتصالات الأمر الذي قضى على الحدود التي كانت تفصل بين الدول ، وتتجلى مظاهر التطور التكنولوجي المتسارع في رقمية التجهيزات والآلات، وثورة المعلومات التي تظهر من خلال تكنولوجيا الإعلام والاتصال ، حتى وصف عصرنا هذا بعصر بحضارة المعلومات، وهذا ما نتج عنه تطور في أنظمة المعلومات (الأنظمة المساعدة في اتخاذ القرار، والأنظمة الخبيرة) وتغيير في نمط التبادل (التجارة الإلكترونية) ونتيجة لذلك تشتد الحاجة للتغيير من أجل توافق أنشطة المنظمات المختلفة وأساليب وطرق عملها مع متطلبات التغييرات التكنولوجية والتكيف معها في مجالاتها كافة.
4/ البيئة الاجتماعية: تتمثل هذه القوى بالعادات والتقاليد والمبادئ والقيم وكذلك في الاتجاهات وأنماط الطلب علي منتجات المنظمة نتيجة التغير في رغبات وأذواق المستهلكين ، وزيادة القوة التي يتمتع بها العملاء والمستهلكين ، وسيادة عصر التوجه للعميل واحترام المستهلك والعمل علي إرضائه.
5/ البيئة الثقافية: حيث تؤثر علي قيم واتجاهات وسلوكيات الأفراد كمرؤوسين ورؤساء وعملاء وموردين ، فثقافة المحيط لا تؤثر فقط علي سلوك العاملين وأسلوبهم في التعامل ، بل تنعكس هذه الثقافة في الهيكل القائم ونمط الإدارة السائد ونظم الاتصالات والمعلومات ، وطرق الأفراد في حل المشكلات واتخاذ القرارات، كما تؤثر في اتجاهات العملاء وبالخصوص في حجم الطلب وتصميم المنتج والمزيج التسويقي وأساليب التعامل مع العملاء.
ثانيا- القوى الداخلية للتغيير:
قد ينشأ التغيير من مصدر آخر وهو المصدر الداخلي والذي ينتج من القوى الداخلية في المنظمة فالإنتاجية المنخفضة، الصراع ، الإضراب ، التخريب ، معدل الغياب المرتفع ، ومعدل الدوران العالي ، ما هي إلا بعض العوامل التي تعطي إشارة للإدارة بضرورة التغيير.
تظهر الحاجة للتغيير التنظيمي عند حدوث مستجدات جديدة في بيئة العمل الداخلية، وإمكانيات وقدرات المنظمة وأهدافها ، أو عندما تواجه مشكلات ذاتية ، مما ينتج عنه عدم ملائمة التنظيم الحالي للتعامل مع التغييرات الحادثة في الـبيئة ، أو عـدم التوافق بين عناصر التنظيم ، مما يتطلب ضرورة إحداث تغيير تنظيمي في المنظمة.
ومن القوى الداخلية التي تفرض التغيير ما يلي:
1- وجود أهـداف جديـدة: إذا ما قامت المنظمة بإضافة أهداف جديدة إلى الأهداف الحالية أو بتغيير أهدافها بأهداف أخرى جديدة (التخلي عن منتج أو إضافة منتج جديد)، فستقوم حتما بالتغييرات المناسبة لتوفير جو وظروف ملائمة بما في ذلك الموارد، الإمكانيات والوسائل، لتحقيق هذه الأهداف الجديدة.
2- انضمام أفراد جـدد: إن انضمام أفراد جدد ذوي أفكار وخبرات ومهارات مختلفة خاصة إذا عينوا قادة في الإدارة سوف ينتج عنه حدوث تغييرات وظهور أوضاع جديدة.
3- عدم رضا العاملين: إن عدم رضا العاملين ينتج عنه آثار سلبية على أداء المنظمة ولهذا على المسيرين تشخيص أسباب عدم الرضا ومحاولة إيجاد الحلول بإجراء التعديلات والتحسينات اللازمة التي يطلبها العاملين.
4- تدني مستوى الأداء: إذا تم اكتشاف تدني مستوى أداء المنظمة عليها البحث في الأسباب والقيام بالتعديلات أو التغييرات التي من شأنها تحسين مستوى الأداء.
5- إدراك الحاجة إلى تغيير الهيكل التنظيمي واللوائح والأنظمة المتبعة في المنظمة: وذلك لتصبح أكثر مرونة وقادرة على الاستجابة الشاملة لضروريات التغيير والتحسين المستمر في الأداء.
ومن المتغيرات التي تفرزها البيئة الداخلية كذلك نذكر ما يلي:
- التغيير في الآلات والمنتجات وخطوط الإنتاج وغيرها من الأساليب الفنية.
- التغيير في هياكل العمالة ووظائف العمل وعلاقات العمل.
- التغيير في الإجراءات المتبعة في العمل.
- التغيير في علاقات السلطة والمسؤولية والمركز والنفوذ.
- التغيير في الوظائف الأساسية للمنظمة كوظيفة الإنتاج والتسويق والتمويل والأفراد.
وفي الواقع العملي غالبا ما يكون هناك عدم انفصال بين القوي الداخلية والخارجية للتغيير، وأن هذه القوي وقوي أخري سوف تضع كافة المنظمات بشكل عام وبدون استثناء في موقف صعب جدًا لن تستطيع الاستقرار والصمود أمامه إلا عن طريق وضع إستراتيجية واضحة للتغيير والتطوير للوقوف أمام هذه التحديات ، والعمل علي الخروج عن الأطر التقليدية التي قيدت حركتها وفعاليتها ، بل وأدت إلي فشل الكثير منها وأن تتبني أسلوب تفكير جديد يقوم علي التفاعل الإيجابي مع المتغيرات والمحددات البيئية المحلية والوطنية والعالمية ، وتشجيع عملية الابتكار والتطوير داخل المنظمة.
مراحل التغيير التنظيمي
أولا- مرحلة إذابة الجليد (Unfreezing):
وتتمثل هذه الخطوة في محاولة إثارة أذهان أفراد وجماعات العمل في المنظمة من عاملين وأقسام ومديرين بضرورة الحاجة للتغيير ، والعمل على التخلص من الاتجاهات والقيم والممارسات والسلوكيات التي يمارسها الأفراد داخل التنظيم في الوقت الحالي ، ثم العمل على تهيئة الأجواء الملائمة لخلق دوافع جديدة عند الأشخاص لعمل شيء ما، ثم العمل على تقوية الشعور لدى هؤلاء الأشخاص بضرورة استبدال الأنماط السلوكية والقيم والاتجاهات القديمة بأخرى جديدة، وتتضمن هذه العملية دفع الأفراد في المنظمة إلى إدراك أن السلوك أو الإستراتيجية الحالية التي يعملون بمقتضاها لم تعد ملائمة أو أنها تؤدي إلى تدهور النتائج والأداء، وإشعار العاملين بالأمان اتجاه التغييرات التي قد تحدث مستقبلا ويتم ذلك بإزالة أي مسببات مقاومة التغيير وإذا حدث هذا الإدراك لدى الأفراد فإن ذلك يؤهلهم للقبول بضرورة القيام بالتغيير ويسهل تلك العملية ولتدعيم هذا الإدراك تستخدم بعض المعايير الخاصة بالأداء والتي تظهر سوء في الأداء مثل انخفاض معدل الربح أو تقلص حصة المنظمة في السوق.
ومن الممارسات التي يتم استخدامها لإذابة الجليد في هذه المرحلة الضغط للتخلص من السلوكيات الحالية المتسببة في تدني مستويات الأداء ثم على الإدارة العمل على إيجاد الدافعية وإيجاد الاستعداد و الرغبة لعمل شيء جديد والتوصل إلى عدم جدوى وفاعلية الأساليب القديمة المطبقة لإنجاز الأعمال ومن ضمن أساليب تحرير وإذابة الموقف ما يلي:
1- منع أي مدعمات أو معززات لأنماط السلوك التي تمثل نوعا من المشاكل وذلك لإظهار أن أنماط السلوك السيئة غير مرغوب فيها.
2- انتقاد التصرفات وأساليب العمل التي تؤدي إلى حدوث مشاكل وقد يصل الأمر بالانتقاد إلى زرع الإحساس بالذنب ، والبخس من القدر أو الحط من القيمة.
3- إشعار العاملين بالأمان تجاه التغيرات التي قد تحدث مستقبلا ويتم ذلك بإزالة أي مسببات لمقاومة التغيير.
4- نقل الفرد من القسم أو بيئة العمل التي تشجع أساليب العمل والتصرفات غير المرغوبة، وذلك لكي يشعر بمدى جسامة الموقف، وقد يكون ذلك النقل مؤقتا إلى أحد الأقسام الأخرى أو إلى دورة تدريبية تدور حول المشكلة المعينة.
5- تغيير بعض الظروف المحيطة بالتصرفات السيئة ، فإذا كان التأخر عن العمل والغياب والتوقف عن العمل قبل المواعيد الرسمية ، فإن التغييرات التي تشعر العاملين بسوء هذه التصرفات قد تكون مثل تغيير مواعيد الحضور والانصراف ، وعدد ساعات العمل والراحة.
إن تفكيك أو إذابة الموقف تسهل للأفراد القائمين على التغيير التنظيمي التبصر والوعي بوجود مشاكل في العمل تحتاج إلى تغيير أو حل ولزيادة هذا التبصر والوعي يمكن مقارنة أداء أجزاء المنظمة بعضها ببعض ، ودراسة تقارير الرقابة والمتابعة بشكل جاد وأيضا إجراء البحوث الميدانية داخل العمل عن درجة الرضا، وتغيير قيم العمل ، وإجراءات العمل والإنتاج.
ثانيا- مرحلة التغيير(Change):
في هذه المرحلة يجب التركيز على ضرورة تعلم الفرد أفكار وأساليب ومهارات عمل جديدة ، بحيث يتوفر لدى الأفراد البدائل الجديدة لأداء الأعمال ، من خلال ما تقدمه الإدارة لهم، وفي هذه المرحلة أيضا يتم إجراء تعديل وتغيير في الواجبات والمهام ، وكذلك في التقنيات والهياكل التنظيمية الموجودة حاليا ، الأمر الذي يتطلب من الإدارة ضرورة العمل على توفير المعلومات ومعارف جديدة وأساليب عمل جديدة للأفراد العاملين للمساهمة في تطوير مهاراتهم وسلوكهم، ومن ثم تحقيق المطلوب، ويكون التغيير في النواحي التنظيمية الهيكلية التالية:
1- التغيير في أنماط توزيع السلطة: يتم إعادة النظر في الصلاحيات الممنوحة للمستويات الإدارية المختلفة أو لبعض المسئولين فيها، وتغيير الارتباطات الإدارية أو نظام التسلسل الإداري المعمول به وقد تتم عملية إعادة التنظيم لتشمل إلغاء أو استحداث وظائف أو أقسام إدارية ، كما يكون هناك تغيير في نمط القيادة وإعطاء المزيد من المرونة وتوفير فرص التدريب للقيادات الإدارية وإعادة تصميم الأعمال بشكل يتوافق مع المتطلبات الجديدة للعمل.
2- التغيير في التكنولوجيا المستخدمة: قد تشمل تلك التغيرات تغييرات في المعدات أو الأساليب المستخدمة في الإنتاج وفى العلاقات بين النشاطات المختلفة ، وفي تحسين طرق تدفق العمل.
3- التغيير في العمليات الإدارية: ويشمل إعادة النظر في نمط اتخاذ القارارت وأنماط الاتصالات ، كأن يصبح أسلوب اتخاذ القرارات جماعيا من خلال تشكيل اللجان وقد يشمل تعديل السياسات والإجراءات وتعديل معايير اختيار العاملين.
في هذه المرحلة يحذر "ليفن" من الإقدام بشكل متسرع في تنفيذ وإحداث التغيير لأن ذلك سوف يترتب حدوث مقاومة شديدة له، الأمر الذي يؤدي إلى الارتباك والتشويش وعدم الوضوح وبالتالي عرقلة مسار التغيير.
ثالثا- مرحلة إعادة التجميد (التثبيت) (Refreezing):
كما بدأت مراحل التغيير بضرورة إذابة الموقف ثم الانتقال إلى إدخال التغييرات المطلوبة يكون من اللازم بعد التوصل إلى النتائج والسلوكيات المرغوبة ، تجميد ما توصل إليه ، أو يمكن القول أن هذه المرحلة تهتم بصيانة وحماية التغيير الذي تم التوصل إليه.
وفي هذه المرحلة يتم التأكد من أن ما تم إكسابه للعاملين من مهارات وأفكار واتجاهات جديدة في مرحلة التغيير يتم دمجه في الممارسات الفعلية، حيث تهدف هذه المرحلة إلى تثبيت التغيير واستقراره، عن طريق مساعدة الأفراد من العمل على دمج الاتجاهات والأفكار وأنماط السلوك التي تم تعلمها في أساليب وطرق عملهم المعتادة، وعلى الإدارة أن تعطي الفرصة الكاملة للأفراد لإظهار ممارساتهم السلوكية الجديدة، وضرورة العمل على تعزيز السلوكيات الإيجابية حتى يستمر الأفراد في مواصلة هذا السلوك برغبة ورضا.
وللحفاظ على ما تم اكتسابه من عملية التغيير لابد من إتباع الخطوات التالية:
1- المتابعة المستمرة لنتائج تطبيق التغيير التنظيمي ، ومقارنة النتائج الفعلية بالنتائج المخططة والمطلوبة ، ومناقشة الانحرافات المحتملة ومحاولة علاجها.
2- توفير سبل اتصالات متفتحة بين المشاركين في التغيير ، مع توفير كافة المعلومات المرتبطة به.
3- بناء أنظمة حوافز تشجع الأقسام والأفراد الناجحين والمساهمين في إنجاح عمليات التغيير.
4- إنشاء أنظمة تشجيع الاقتراحات الخاصة بالتطويرات والتغييرات الجديدة ، وتشجيع السلوك والتصرفات الخاصة بالسلوك الإبداعي والمبادأة والابتكار سواء في العمليات الفنية الوظيفية أو في العمليات الإدارية.
وبهذه المراحل تكون الإدارة قد اتبعت أسلوبا علميا لإدخال التغيير التنظيمي، يتلخص في تحديد الهدف من التغيير، وتحديد أنواع التغييرات المطلوبة ، وجمع أكبر قدر من المعلومات ودراستها وتحليلها جيدا واستشارة الأطراف المعنية من رؤساء ومرؤوسين والتعرف على اتجاهاتهم وردود الفعل عندهم التي تكون مؤيدة ومساندة أو مقاومة ومعارضة له.
المرجع/ رمضان سمير، مقياس الاتصال التنظيمي، كلية العلوم الاجتماعية والعلوم الانسانية، قسم علوم الاعلام والاتصال، سنة ثالثة ليسانس اتصال وعلاقات عامة، جامعة 20 أوت 1955، سكيكدة، الجزائر، 2016.
تعليقات
إرسال تعليق