نظرية الصراع التنظيمي
هي عبارة عن نظرية تحاول تفسير السلوك الإنساني في التنظيمات المختلفة، ويرى أرجيرس أن هذا التفسير يعد مقدمة للتنبؤ بالسلوك الإنساني والتحكم فيه.
حسب رأي أرجيرس ينتج السلوك الإنساني في التنظيمات المختلفة نتيجة لأي من المتغيرات الآتية سواء منفردًا أو متفاعلاً مع غيره من العوامل:
عوامل فردية: والتي تطلب دراسة الشخصية الإنسانية.
عوامل تتعلق بالجماعات الصغيرة غير الرسمية: هذا يستدعي دراسة تلك الجماعات الصغيرة.
عوامل تنظيمية رسمية: هذا يتطلب التعرف على الأساليب التقليدية للتنظيم.
من وجهة نظر أرجيرس أن العنصرين الأساسيين في أي تنظيم اجتماعي هما:
- الإنسان الفرد.
- التنظيم الرسمي.
وعليه فإن الشخصية الإنسانية تمر بالأطوار التالية:
- تتطور من حالة السلبية في فترة الطفولة إلى حالة من النشاط المتزايد كلما كبر الفرد.
- تتطور الشخصية من الاعتماد على الآخرين إلى الاستقلال والاعتماد على النفس.
- تتطور الشخصية من خلال زيادة وتنوع أساليب السلوك.
- تميل الاهتمامات والرغبات إلى التطور من حالة عدم الاستقرار في الطفولة إلى التعمق والاستقرار في سن النضج.
- تبدأ الشخصية الإنسانية في سلك مجال التفكير والتدبر.
- يميل الإنسان إلى التطور من خلال الخروجمن حالة الخضوع باعتباره طفلا فيصبح يميل إلى طلب المساواة، التميز أو حتى التسلط.
- مرحلة إدراك الذات وأهمية التعرف عليها أكثر وأكثر، التعرف على أهميته كإنسان.
محتوى نظرية الصراع التنظيمي
دعا كريس أرجرس إلى ضرورة تحليل مبادئ الفكر الكلاسيكي عمومًا والتنظيمات الرسمية على وجه الخصوص، حيث يرى أنه يوجد تناقض أساسي بين متطلبات الشخصية الإنسانية وبين خصائص التنظيم الرسمي.
وعلل أرجيرس أن مبادئ التنظيم الكلاسيكية إذا ما طبقت بحذافيرها ينتج عنها أن الإنسان سوف يعمل في جو يتصف بالنقاط التالية:
- حد أدنى من السيطرة الفردية على جو العمل وظروفه ويصبح لا يملك أي سلطة على نفسه إذ أنّ كل شيء محدد ومنظم مسبقًا.
- أن الإنسان يجب أن يتحول إلى شخص سلبي مطيع ومعتمد على التنظيم في كل شيء.
- لا يستخدم التنظيم الرسمي إلا القليل من القدرات والطاقات.
- أن ظروف العمل في التنظيم الرسمي تتسبب أحيانا في صناعة فشل على المستوى الشخصي.
يرى أرجيرس أن ردة فعل الإنسان على تلك الأوضاع التي يفرضها عليه التنظيم الرسمي لها عدة أشكال:
- أن يترك التنظيم نهائيا.
- أن يحاول تسلق السلم التنظيمي أي أن يصل إلى مركز إداري أعلى ليتخلص من ضغوط التنظيم الرسمي.
- أن يستخدم وسائله الدفاعية فقد يصبح عدواني، منكرا لكل شيء في سبيل الدفاع عن ذاته أو حتى الشعور بالذنب مع كل حدث يمر به.
- أن يصبح مستهزأ وغير مهتم بشيء، فيتكاسل ويتراخى ولا يهتم بالتنظيم الرسمي.
- تقليل درجة اعتماد الفرد وخضوعه وسلبيته.
- تقليل احتمالات تعرضه لتصرفات تحكمية من قبل أصحاب السلطة، فهو يحتمي بتنظيمه الضيق.
- تمنح الفرد فرصة التعبير عن مشاعره بصراحة.
- أيضا التنظيم غير الرسمي يكون عالمًا خاصًا للفرد تنمو فيه الشخصية الإنسانية دون قيود أو ضغوط.
أهم عناصر نظرية أرجيرس عن السلوك الإنساني في التنظيم
العنصر الأول: هناك تناقض جذري بين حاجات الشخصية الإنسانية السليمة وبين متطلبات التنظيم الرسمي، لا تتفق خصائص كل منهما ولا تتجانس، حالة من الصراع بين المبادئ التنظيمية الكلاسيكية والفرد.
العنصر الثاني: نتيجة هذا التناقض هي الإحباط، الفشل، الصراع، وقصر النظر بالنسبة للأفراد، أن هذه النتائج متوقعة حيث يجد الأفراد أن الفرص لتحقيق أهدافهم وإشباع حاجاتهم منعدمة في ظل التنظيم الرسمي وهو ما يبعدهم عن الوصول إلى قمة الهرم وتحقيق ذاتهم.
العنصر الثالث: هناك حالات تعمل على زيادة درجة التناقض بين الشخصية الإنسانية والتنظيم:
- كلما زاد معدل نضج الشخصية الإنسانية.
- كلما انخفض المستوى الإداري والتنظيمي للفرد.
- كلما زاد أسلوب القيادة ووحدة إصدار الأوامر.
- كلما زادت حدة الرقابة الإدارية.
- كلما زادت درجة التخصص في العمل.
- كلما زادت دقة تطبيق مبادئ التنظيم التقليدية.
العنصر الرابع: أن طبيعة مبادئ التنظيم التقليدية تجعل الأفراد على اختلاف مستوياتهم يعانون من المنافسة، الحقد، العداوة، وتضاؤل الشخصية وتنمية صفة التركيز الجزئي بدلاً من التركيز على كامل التنظيم.
العنصر الخامس: أن السلوك الإنساني يدعو الفرد إلى الاحتفاظ بتكامل شخصيته والتكيف مع الظروف في ذات الوقت الذي يعرقل تكامله مع التنظيم الرسمي.
العنصر السادس: أن السلوك الإنساني الهادف إلى التكيف له آثار تراكمية حيث يؤثر مرة أخرى في التنظيم الرسمي.
العنصر السابع: أن فلسفة الإدارة في بعض الأحيان تجعل الأفراد تزيد في حدة سلوكهم المعادي للتنظيم الرسمي حيث أن تركيز الإدارة على استخدام أساليب القيادة الآمرة والرقابة الدقيقة وأسلوب العلاقات الإنسانية غير الصادقة تؤدي إلى زيادة الانفصال بين الإدارة وبين الأفراد في التنظيم.
العنصر الثامن: أن هناك بعض الأساليب الإدارية التي تستطيع أن تخفف من حدة الانفصال بين الإدارة وبين العاملين ومن هذه الأساليب:
- استخدام أسلوب القيادة الذي يركز على الأفراد ومشاكلهم.
- توسيع نطاق العمل حتى يتاح للفرد فرصة إنجاز عمل متكامل.
- تخفيف حدة الرقابة الإدارية.
وبهذا نجد أن أرجيرس قبل التنظيم الرسمي كأساس ولكن بشرط إدخال بعض التحسينات التي تخفف من آثاره وتكسبه صفة الحداثة.
نقد نظرية الصراع التنظيمي ل كريس أرجيرس
بالرغم من أنه حاول توجيه أنظار أرباب العمل إلى التنظيمات غير الرسمية ودورها في رفع معنويات العمال ودفع عجلة التنمية المؤسساتية إلا أننا إذا غصنا في النظرية نجده لم يقدم إضافة فعلية بل اكتفى بتحليل السمات العامة للفكر الكلاسيكي، كما أنها تتسم بالتكرار والسطحية وقصر النظر.
* محاضرات سنة ثانية اتصال، الأستاذة شلواش صاليحة، نظرية الصراع التنظيمي لكريس أرجيرس، قسم علوم الإعلام والاتصال، جامعة 20 أوت 1955 سكيكدة.
تعليقات
إرسال تعليق