المشاريع الصغيرة صارت هي الأخرى تنشط في اقتصاد مسه تطور كبير وسريع في تكنولوجيا المعلومات والاتصال، مما غيّر الكثير من المفاهيم المتعلقة ببيئة الأعمال من خلال إلغاء العديد من الحواجز القائمة على بعد المادية كالمسافات والحدودالجغرافية، والأبعاد والجوانب المادية للمنتجات والخدمات موضع التبادل، كل هذا ساعد المؤسسات على دخول العالم الافتراضي للأعمال وتحول النشاط الاقتصادي من نشاط تقليدي إلى نشاط افتراضي، مما ساهم في تغيير الخريطة الجغرافية للأسواق
أولا: مفهوم المشاريع الصغيرة الافتراضية (الإلكترونية)
لقد نتج عن تكنولوجيا وتكنولوجيا الاتصالات نوع جديد من المنظمات اصطلح على تسميتها المنظمات الالكترونية؛ والمنظمات الرقمية الالكترونية التي لا تكون مرتبطة بأي موقع جغرافي، وهذا يعني أن المنظمات الرقمية الالكترونية بإمكانها التواصل مع الزبائن والمجهزين والمنافسين وكذلك توزيع منتجاتها وتقديم خدماتها من خلال الشبكات و الانترنت، وهدفها الأساسي هو تأمين وتقديم خدماتها بمنتهى الخفة والأريحية والسرعة من خلال استخدام تكنولوجيا المعلومات والقدرات البشرية؛ فهي تؤمن وتقدم كل شيء في أي وقت وفي أي مكان.
لذا يمكننا تعريف المشاريع الالكترونية:
بأنها شبكة مؤقتة لشركات مستقلة، مرتبطة بتكنولوجيا المعلومات والمعرفة، لكي تتشارك بالمهارات والتكاليف، لكي تصل إلى أسواق بعضها البعض. و تستخدم الشبكات لكي تربط الأشخاص والممتلكات والأفكار، من أجل توليد وتأمين وتوزيع المنتجات والخدمات، من دون أن تكون محدودة بمواقع تقليدية أو مادية. فهي غير موجودة فعلا في إطار مادي محدد يشتمل على حدود معينة، بل إنها كشبكة لعلاقات متشابكة ومتداخلة استجابة لطبيعة الطلبات المتغيرة في السوق؛
وهي عبارة من وحدات الأعمال التي يكون فيها مجموعة من الأشخاص ومن إجراءات العمل منطلقا من وحدات أعمال مختلفة تتفاعل فيما بينها بشكل مكثف بغرض أن تؤدي وتنتج عمل يعود بالمنفعة على الجميع. وجميع الأطراف المشاركة في المؤسسات الالكترونية هم متساوون، ولا توجد سيطرة لأحدهم على الآخرين وان التعاون لا تحكمه قواعد تعتمد على قوانين محكمة ومشددة بل أن ذلك يجري بالمشاركة بالمعلومات والثقة المتبادلة، وبالنسبة للزبون فان هذا النوع من المؤسسات تبدو له وكأنها شركة اعتيادية.
وبما أن المشروع الصغير: هو منظمه أعمال صغيره يقيمها أفراد لممارسة نشاط اقتصادي بهدف الربح ولها خصائص تميزها عن الأعمال متوسطة وكبيره الحجم؛
فيمكن أن نستنتج تعريفا للمشاريع الصغيرة الافتراضية (الإلكترونية) بأنها: "هي شبكة تربط بين عدد صغير من الأشخاص بواسطة تكنولوجيا ونظم المعلومات المتقدمة؛ لاكتساب الفرص المتاحة من السوق والمشاركة في المهارات والتكاليف وإمكانية الوصول الفوري إلي السوق."
ثانيا: أنواع المشاريع الإلكترونية
يمكن تقسيم الشركات الإلكترونية إلى شركات إلكترونية دعائية وشركات إلكترونية ذات خدمات بسيطة وشركات إلكترونية مجردة.
1- الشركات الإلكترونية الدعائية:
هي شركات مادية مجردة، تنشئ موقع على شبكة الانترنت كنوع من الدعاية الحديثة التي يمكن أن تجلب لها الكثير من العملاء، لكن دون أن يقدم هذا الموقع أي نوع من التعاملات الخاصة بالشركة فهو فقط نوع من أنواع الدعاية الحديثة، التي تقيمها الشركة كدعاية لمنتوجاتها أو لما تقدمه من خدمات.
2- الشركات الإلكترونية ذات الخدمات البسيطة:
أو ما يسمى بالشركات المادية- الرقمية المزيجة التي تجمع بين النشاط المادي والنشاط الرقمي، فهي شركات تحقق هدفين من موقعها على شبكة الانترنت، أولهما الدعاية وثانيهما تقديم خدمات بسيطة للعملاء، بحيث تسهل عليهم باقي الإجراءات التي لابد وأن ينتقلوا إلى مقر الشركة الفعلي لإتمامها، مثل ملأ استمارات التعارف أو الاستمارات التي تبيّن غرض العملاء من التعامل مع تلك الشركة.
3- الشركات الإلكترونية المجردة:
وهي الشركات الافتراضية تمثلها شركات الدوت كوم التي تعمل فقط في فضاء الأعمال المصنوع من المعلومات والرقميات بدون بنية تحتية مادية واسعة، فهي تمارس نشاطها كاملا عن طريق شبكة الانترنت وليس لها فروع على الأرض، أي أن العملاء يستطيعون القيام بكافة أعمالهم مع تلك الشركة عن طريق موقعها على شبكة الانترنت، فهي تمارس كافة أغراضها التي أنشئت من أجلها عن طريق الانترنت دون أي حاجة إلى موقع تقليدي على الأرض.
ثالثا: الصفات المميزة للمشاريع الإلكترونية
تتميز المشاريع الإلكترونية بما يلي:
1- التفوق والتميز: جميع الشركاء في المنظمة الإلكترونية تجلب عادة معها إمكاناتها وقدراتها الجوهرية التنافسية، وهذا ما يعني أن كل شريك ينبغي أن يكون عنده بعض المزايا المميزة التي يقدموها للمنضمة، وان التركيز ينبغي أن يكون على المنظمة الافتراضية الجديدة، لذا نستطيع القول بأن هذه الميزة تعني تكامل القدرات الجوهرية ومشاركة في الموارد.
2- الانتفاع والإفادة: المنظمة الإلكترونية تؤمن الانتفاع من الموارد الخاصة بشركاء العمال بطريقة ربحية أفضل .
3- انتهاز الفرص: هناك فرص متوفرة في الأسواق وقد وجدت المنظمات الإلكترونية لكي تواجه وتغتنم هذه الفرص بطريقة أفضل من المنظمات الفردية.
4- تبديد الحدود: وجد بأنها تشتت الحدود الجغرافية وتجتازها، وعلى هذا الأساس فانه من الصعب تشخيص الحدود المكانية لها.
5- الثقة: وذالك بسبب مساواة المشاركين فيها حيث إن كل مؤسسة تعتمد على الأخرى بسبب الثقة. والتفهم والتركيز على القيم المشتركة .
6- التكيف للتغيير: حيث أنها تستطيع إن تتكيف بشكل أسرع للتغيير في إطار البيئة التي تعيش فيها من خلال تشخيص متطلبات التغيير على العاملين وتأمين التعليم والتدريب المستمر، وتنفيذ البرامج التعليمية التدريبية المطلوبة للعاملين.
7- الاعتماد على التكنولوجيا: فهي تعتمد بشكل أكبر على تكنولوجيا المعلومات ونظم الشبكات، لكي تؤمن لها المنصات التكنولوجية المتجددة، والتحسين المستمر لطرائق التعامل مع المعلومات واستخداماتها.
والشكل التالي يعكس الصفات المميزة للمشاريع الإلكترونية.
كما تتميز الشركات الإلكترونية بإمكانية الوصول إلى قاعدة عريضة من العملاء وتقديم خدمات إلكترونية كاملة وجديدة، كما أن تكاليفها تكون منخفضة لأنها بدل أن تقوم بتخصيص الكثير من الأموال لفتح فروع جديدة لها في كافة المناطق للتقرب من العملاء، يكفي أن يقوم العميل بالضغط على زر من حاسوبه للوصول إلى الشركة والتعرف على ما تقدمه من منتجات، وكذلك الأسعار وكافة البيانات التي يحتاجها، إضافة إلى هذا فإن أداء الشركة الإلكترونية يكون أكثر كفاءة لأن العميل ليس بحاجة إلى الاحتكاك المباشر بالموظفين أو الانتظار للحصول على المعلومة أو السلعة أو الخدمة التي يريدها، فالموقع الإلكتروني يوفر له ما يريد.
رابعا: دور المشاريع الصغيرة الإلكترونية في التشغيل
تجمع الآراء على الأهمية المتعاظمة للمشروعات الصغيرة وعلى الدور الهام الذي تؤديه في الاقتصاد الوطني والاستقرار الاجتماعي سواء في الدول المتقدمة أو النامية، كما تشير التحليلات الاقتصادية والاجتماعية للتجارب التنموية في العديد من دول العالم إلى أن "بعض الدول الآسيوية قد حققت انجازات هائلة خلال العقدين السابقين وتحولت من قوى استهلاكية إلى قوى إنتاجية خلاقة بفضل اللجوء إلى المشروعات والصناعات الصغيرة.؛ فالمشروعات الصغيرة والمتوسطة تمثل نحو 90% من إجمالي الشركات في معظم اقتصاديات العالم، وتسهم هذه المشروعات بحوالي 46% من الناتج المحلى العالمي، وتساهم بنسبة كبيرة في الناتج المحلى للعديد من الدول، وحسب منظمة العمل الدولية فإن معظم الوظائف الجديدة تستحدث في الواقع في المؤسسات الصغيرة والمتوسطة. فهذه المؤسسات يمكن أن تشمل أي شيء، بدءا من شخص واحد يعمل لحسابه الخاص في القطاع غير المنظم، وصولاً إلى وحدات الإنتاج المتطورة التي تستخدم العشرات من العمال الأجراء.
فمثلا في اليابان تشكل المشاريع الصغيرة والمتوسطة أكثر من 99 % من مجموع المؤسسات، وتشغل 70% من مجموع العاملين.
أما الولايات المتحدة فبها أكثر من 24 مليون مشروع صغير يساهم في توليد حوالي52% من فرص العمل لدى القطاع الخاص و أكثر من نصف الدخل القومي،كما تمثل 80% من كل الإبداعات و الابتكارات الجديدة في السوق الأمريكي .وتمد 67% من العاملين بفرص العمل و التدريب الأولى لهم.
أما المشاريع الإلكترونية فتقدر الإحصائيات عدد الموظفين الافتراضيين الذين يعملون داخل فضاء بيئة العمل البديلة في أمريكا وحدها بما لا يقل عن 30 مليون موظف، وقد أجري مسح على عينة كبيرة منهم فجاءت النتيجة أن 87% منهم يؤكدون ارتفاع إنتاجيتهم في العالم الافتراضي عما كانت عليه في العالم الحقيقي، كما أنه في المنظمة الافتراضية تتزايد أعداد الموظفين المؤقتين وغير الدائمين عما كان عليه في المنظمة التقليدية.
والأمثلة كثيرة على المشاريع الصغيرة الافتراضية التي أسهمت في إيجاد فرص للعمل كالعمل على إنتاج منتجات حرفية منزلية بسيطة، والقيام بتصويرها وإرسالها عبر البريد الالكتروني إلى أشخاص آخرين لحثهم على طلبها وشرائها من صاحبها ، أو من خلال المشاركة في المنتديات وعرض المنتوج على الأعضاء فيه، أو من خلال الدخول إلى مواقع مجانية لتصميم متاجر افتراضية حيث يمكن لصاحب المنتوج أن ينقل منتجه إلى الموقع الخاص به أو متجره الافتراضي، ويقوم بتسويق منتجه وهو جالس في منزله والتواصل افتراضيا مع الزبائن الراغبين في الحصول على منتجه؛
ومن أمثلة المشاريع الصغيرة الافتراضية ما قام به لينوس تورفالدز فى أكتوبر عام 1991 ،حيث كان طالبا يبلغ من العمر21 عاما وضع على شبكة الإنترنت أول ثمار ابتكاره الجديد . كان لينوس يدرس الكمبيوتر ، وابتكر لتوه برنامجاً لإجراء الحسابات المؤسسية والأكاديمية أسماه باسمه "لينوس"؛ أتاح تنزيل برنامجه مجاناً لكل من يرغب في ذلك وطلب من الجميع اختباره وتجربته وتعديله كلما تراءى لهم ذلك ، مقابل إعلامه بالنتائج والمقترحات.
بالفعل تمكن المستخدمون لبرنامج "لينوس" من تطويره ومعالجة العديد من مشكلاته واستمرت عملية التطوير والتعديل 3 سنوات ، ليصبح بعدها هذا البرنامج هو المعروف الآن باسم ( يونيكس ) والذي أصبح بفضل التطوير المستمر من أهم البرمجيات المؤسسية على الإطلاق.
تخيل لو أن الطالب ( لينوس ) توجه ببرنامجه إلى إحدى الشركات الكبرى مثل ( آى بي إم ) . وطلب منها تطويره . فما الذى يمكن أن يحدث ؟.
إذا افترضنا أن الشركة وافقت على البرنامج فوراً، فمن المتوقع أن يتم تخصيص ميزانية محددة لتطويره، ويتم إسناد هذه المهمة إلى فريق متخصصين من المهندسين الذين سيتقاضون رواتبهم من الشركة. بعد ذلك سيأتي دور التخطيط والتنفيذ والمتابعة واجتماعات لجان الجودة... الخ. وكل هذه الأنشطة ستحتاج إلى مصروفات وميزانيات. وما هي النتيجة المتوقعة في النهاية ؟ هل كانوا سيصلون إلى نفس النتيجة التي اهتدى إليها الطالب الشاب وعدد ممن لا يعرفهم إلا بشكل افتراضي ؟
- عزة الجوهرى عبد الحميد - الإدارة الافتراضية مهارات القيادة والاتصالات والتفاعل عن بعد- ورقة عمل الاجتماع العاشر للشبكة العربية لإدارة وتنمية الموارد البشرية دمشق – الجمهورية العربية السورية 16 – 19 ديسمبر 2002
- برنوطي، سعاد -إدارة الأعمال الصغيرة (ابعاد للريادة)- عمان: دار وائل للنشر، ط2، 2008 .
- منير محمد الجنبيهى وممدوح محمد الجنبيهى – الشركات الإلكترونية- الإسكندرية: دار الفكر الجامعي، 2005 .
تعليقات
إرسال تعليق