مدخل لنظرية التنفيس (التطهير) cotharsis theory
تعتمد نظرية التنفيس على مبدأ تطهير العواطف والمشاعر عبر التجربة المباشرة، ويرى أصحاب هذه النظرية أن مشاهدة أفلام العنف على التلفاز تسمح بتصريف إحباطاته من خلال المعايشة الخيالية بدلاً من الممارسة الواقعية، لذلك فإن مشاهدة العنف تعمل كصمام أمان بصرف الاحباط والشعور بالعداء وتكون نتيجة مماثلة للكمات يوجهها المرء لكيس مليء بالهواء.
وبعبارة أخرى فإن العنف في وسائل الاتصال يؤدي إلى تقليل حالة العدوانية لدى المتعرض، ذلك أن التعرض يعد نوعا من المشاركة في العنف وبالتالي ينفس عن الفرد دون للجوء إلى المشاركة الفعلية في العنف.
أشارت بعض الدراسات النفسية إلى أن من بين الطرق التي يتم بها التنفيس عن العدوان وتفريغ الشحنات المكبوتة عن طريق منه عن طريق المشاهدة التلفزيونية للعنف.
فالمشاهدة هنا إيجابية على عكس النظريات التي ترى أن رد الفعل يكون سلبي وأن عنف المشاهد هو السبب في ظهور سلوكيات عنيفة وفي زيادة درجة العدوان عند المشاهدين والتصريف للطاقات والمشاعر العدوانية يجد له في المشاهدة قناة فعالة للتخلص من هذه الطاقات المخزونة.
الأصول التاريخية لنظرية التنفيس (التطهير)
ادعى أرسطو قديما، بأن الدراما وسيلة هامة للتنفيس عن الهموم، المخاوف، الضغوطات والأحزان ..إلخ وانطلاقًا من ذلك تدعي هذه النظرية بأن التعرض للعنف (مشاهدته) في وسائل الإعلام يقلل من استخدامنا للعنف بالفعل، لأننا نطهر أنفسنا من العنف بواسطة مشاهدة العنف في التلفاز، لأنه يساعدنا على التخلص من ضغوطاتنا النفسية وأفكارنا السلبية، وبالتالي نقلل من استخدامنا للعنف أو حتى مجرد تفكيرنا فيه.
* نظرية أرسطو حول المسرح (إفراغ شحنات المتفرج فيخرج وهو يشعر بالراحة أو الطمأنينة)
فروض نظرية التنفيس (التطهير)
- تفترض هذه النظرية وجود آثار إيجابية لمشاهدة العنف في وسائل الإعلام، فمشاهدة العنف قد يؤدي إلى تقليل حاجة الإنسان إلى العدوان (المعايشة الخيالية للعنف تمنع من ممارسته في الواقع).
- تفريغ شحنة الميل للاعتداء مما يؤدي إلى تخفيض القلق والتوتر لدى بعض الناس.
- ترى أن التلفزيون يخدم أغراضا علاجية وأهدافا إصلاحية.
نقد نظرية التنفيس (التطهير)
* تعرضت نظرية التنفيس إلى نقد كبير من جهة النقاد والباحثين حيث يرون أن مشاهد العنف لا يمكن أن تؤدي إلى تهذيب نفوس الأطفال وإنما تفجر الطاقات الشريرة وتضغط على زناد الرزيلة وتثير الفتنة، ويقول بيركويتز أن الأشخاص ذوي الميول العدوانية يجدون متعة في مشاهدة برامج العنف وليس هناك أي دليل على أن هذه الميول العدوانية تضعف بمشاهدة العنف بل إن النتيجة المترتبة على مشاهدة مناظر العنف والعدوان هي التشجيع على المزيد من العدوان والعنف لا التنفيس والتطهير.
* كما توجد عدة دراسات خرجت بنتائج مغايرة لنظرية التنفيس حيث يرى فريدمان أنه ليس من الضروري وجود مشاعر عنف أو إحباط لدى الطفل قبل مشاهدة العنف كشرط لازم للتطهير.
* ويرى ديفلير أن نتائج الدراسات المعملية التجريبية على الآثار العاجلة لبرامج العنف في التلفزيون لا ترجع إلى نظرية التنفيس بل يمكن إرجاعها أساسا إلى نظرية المثير والاستجابة ..
* يرى شرام أن التلفزيون لا يؤدي إلى تخفيض الميل النفسي تماما كما أن صورة اللحم المشوي لا تقلل من شعور الجائع بالجوع.
* وتقول أيزودور سفرشتاين أن أفلام العنف تطلق العنان للانفعالات العنيفة وتضاعف القلق والاضطراب ..
* ويسخر يوزال روجات من ادعاءات التطهير ومزاعم التنفيس بقوله: "ربما لو كان ذلك صحيحا لأدى تعريض المجرمين لأفلام العنف والقتل إلى التقليل من عدوانهم وعنفهم ولكن العكس هو الصحيح".
عموما لازالت هذه النظرية مازالت تحتاج إلى أدلة تؤكد صحة افتراضاتها.
نظريات أخرى تطرقت للعنف في وسائل الإعلام
المراجع
- العنف الإعلامي سيكولوجية العدوان نفسيا واجتماعيا، غادة ممدوح، العربي للنشر والتوزيع، 2019.
- العنف في وسائل الاتصال المرئية وعلاقته بجنوح الأحداث (دراسة ميدانية في دار اصلاح للأحداث)، وعد ابراهيم خليل الأمير، 2013.
- الفضائيات وتأثيرها الإعلامي، سالي رمضان عبد المنعم، مؤسسة طيبة للنشر والتوزيع، 2015.
تعليقات
إرسال تعليق